على ما وصفت جميع قراء أهل الاسلام المتقدمين منهم والمتأخرين، بدعوى تأويل على ابن عباس وابن مسعود زعم أنهما قالاه وقرءا به، وغير معلوم ما ادعى عليهما برواية صحيحة، ولا سقيمة. وكفى شاهدا على خطأ قراءته خروجها من قراءة أهل الاسلام.
فالصواب إذ كان الامر على ما وصفنا من قراءة ذلك فتح الألف من أنه الأولى، وكسر الألف من إن الثانية، أعني من قوله: * (إن الدين عند الله الاسلام) * ابتداء.
وقد روي عن السدي في تأويل ذلك قول كالدال على تصحيح ما قرأ به في ذلك من ذكرنا قوله من أهل العربية في فتح أن من قوله: * (أن الدين) * وهو ما:
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط عن السدي: * (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة) * إلى: * (لا إله إلا هو العزيز الحكيم) * فإن الله يشهد هو والملائكة والعلماء من الناس أن الدين عند الله الاسلام.
فهذا التأويل يدل على أن الشهادة إنما هي عامة في أن الثانية التي في قوله: * (أن الدين عند الله الاسلام) * فعلى هذا التأويل جائز في أن الأولى وجهان من التأويل:
أحدهما أن تكون الأولى منصوبة على وجه الشرط، بمعنى: شهد الله بأنه واحد، فتكون مفتوحة بمعنى الخفض في مذهب بعض أهل العربية، وبمعنى النصب في مذهب بعضهم، والشهادة عاملة في أن الثانية، كأنك قلت: شهد الله أن الدين عند الله الاسلام، لأنه واحد، ثم تقدم لأنه واحد فتفتحها على ذلك التأويل.
والوجه الثاني: أن تكون إن الأولى مكسورة بمعنى الابتداء لأنها معترض بها، والشهادة واقعة على أن الثانية، فيكون معنى الكلام: شهد الله فإنه لا إله إلا هو والملائكة، أن الدين عند الله الاسلام، كقول القائل: أشهد - فإني محق - أنك مما تعاب به برئ، فان الأولى مكسورة لأنها معترضة، والشهادة واقعة على أن الثانية.
وأما قوله: * (قائما بالقسط) * فإنه بمعنى أنه الذي يلي العدل بين خلقه. والقسط: هو العدل، من قولهم: هو مقسط، وقد أقسط، إذا عدل، ونصب قائما على القطع.
وكان بعض نحويي أهل البصرة يزعم أنه حال من هو التي في لا إله إلا هو.
وكان بعض نحويي الكوفة يزعم أنه حال من اسم الله الذي مع قوله: * (شهد الله) *