هو دان الرباب إذ كرهوا * الدين دراكا بغزوة وصيال يعني بقوله دان: ذلل، وبقوله كرهوا الدين: الطاعة. وكذلك الاسلام، وهو الانقياد بالتذلل والخشوع والفعل منه أسلم، بمعنى: دخل في السلم، كما يقال أقحط القوم: إذا دخلوا في القحط، وأربعوا: إذا دخلوا في الربيع، فكذلك أسلموا: إذا دخلوا في السلم، وهو الانقياد بالخضوع وترك الممانعة. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل قوله: * (إن الدين عند الله الاسلام) * إن الطاعة التي هي الطاعة عنده الطاعة له، وإقرار الألسن والقلوب له بالعبودية والذلة، وانقيادها له بالطاعة فيما أمر ونهى، وتذللها له بذلك من غير استكبار عليه ولا انحراف عنه دون إشراك غيره من خلقه معه في العبودية والألوهية.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: * (إن الدين عند الله الاسلام) * والإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، والاقرار بما جاء به من عند الله، وهو دين الله الذي شرع لنفسه، وبعث به رسله، ودل عليه أولياءه، لا يقبل غيره ولا يجزى إلا به.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: ثنا أبو العالية في قوله: * (إن الدين عند الله الاسلام) * قال: الاسلام:
الاخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وسائر الفرائض لهذا تبع.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
* (أسلمنا) * قال: دخلنا في السلم وتركنا الحرب.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: * (إن الدين عند الله الاسلام) *: أي ما أنت عليه يا محمد من التوحيد للرب والتصديق للرسل.