فمعنى تأويل من تأول ذلك: المطهمة، والمعلمة، والرائعة واحد. وأما قول من تأوله بمعنى الراعية فإنه ذهب إلى قول القائل: أسمت الماشية فأنا أسيمها إسامة: إذا رعيتها الكلأ والعشب، كما قال الله عز وجل: * (ومنه شجر فيه تسيمون) * بمعنى ترعون، ومنه قول الأخطل:
مثل ابن بزعة أو كآخر مثله * أولى لك ابن مسيمة الأجمال يعني بذلك راعية الاجمال، فإذا أريد أن الماشية هي التي رعت، قيل: سامت الماشية تسوم سوما، ولذلك قيل: إبل سائمة، بمعنى راعية، غير أنه مستفيض في كلامهم سومت الماشية، بمعنى أرعيتها، وإنما يقال إذا أريد ذلك: أسمتها. فإذا كان ذلك كذلك، فتوجيه تأويل المسومة إلى أنها المعلمة بما وصفنا من المعاني التي تقدم ذكرها أصح. وأما الذي قاله ابن زيد من أنها المعدة في سبيل الله، فتأويل من معنى المسومة بمعزل.
القول في تأويل قوله تعالى: * (والانعام والحرث) *.
(فالأنعام جمع نعم: وهي الأزواج الثمانية التي ذكرها في كتابه من الضأن والمعز والبقر والإبل. وأما الحرث: فهو الزرع. وتأويل الكلام زين للناس حب الشهوات من النساء ومن البنين، ومن كذا ومن كذا، ومن الانعام والحرث.) القول في تأويل قوله تعالى: * (ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: ذلك جميع ما ذكر في هذه الآية من النساء والبنين، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة، والانعام والحرث، فكنى بقوله ذلك عن جميعهن، وهذا يدل على أن ذلك يشتمل على الأشياء الكثيرة المختلفة المعاني، ويكنى به عن جميع ذلك. وأما قوله: * (متاع الحياة الدنيا) * فإنه خبر من الله عن أن ذلك كله