في حال، فكان حزرهم إياهم كذلك، ثم قللهم في أعينهم عن التقليل الأول، فحزروهم مثل عدد المسلمين، ثم تقليلا ثالثا، فحزروهم أقل من عدد المسلمين. كما:
حدثني أبو سعيد البغدادي، قال: ثنا إسحاق بن منصور، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لرجل إلى جنبي: تراهم سبعين؟ قال: أراهم مائة. قال: فأسرنا رجلا منهم، فقلنا كم كنتم؟ قال: ألفا.
وقد روي عن قتادة أنه كان يقول: لو كانت ترونهم، لكانت مثليكم.
حدثني المثنى، قال: ثني عبد الرحمن بن أبي حماد، عن ابن المعرك، عن معمر، عن قتادة بذلك.
ففي الخبرين اللذين روينا عن عبد الله بن مسعود ما أبان عن اختلاف حزر المسلمين يومئذ عدد المشركين في الأوقات المختلفة، فأخبر الله عز وجل - عما كان من اختلاف أحوال عددهم عند المسلمين - اليهود على ما كان به عندهم، مع علم اليهود بمبلغ عدد الفئتين، إعلاما منه لهم أنه مؤيد المؤمنين بنصره، لئلا يغتروا بعددهم وبأسهم، وليحذروا منه أن يحل بهم من العقوبة على أيدي المؤمنين، مثل الذي أحل بأهل الشرك به من قريش على أيديهم ببدرهم.
وأما قوله: * (رأي العين) * فإنه مصدر رأيته، يقال: رأيته رأيا ورؤية، ورأيت في المنام رؤيا حسنة غير مجراة، يقال: هو مني رأي العين ورأي العين بالنصب والرفع، يراد حيث يقع عليه بصري، وهو من الرائي مثله، والقوم رأوا إذا جلسوا حيث يرى بعضهم بعضا. فمعنى ذلك: يرونهم حيث تلحقهم أبصارهم، وتراهم عيونهم مثليهم القول في تأويل قوله تعالى: * (والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الابصار) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: * (والله يؤيد) *: يقوي بنصره من يشاء، من قول القائل: