المشركين مثلي المسلمين رأي العين. يريد بذلك عظتهم. يقول: إن لكم عبرة أيها اليهود فيما رأيتم من قلة عدد المسلمين، وكثرة عدد المشركين، وظفر هؤلاء مع قلة عددهم بهؤلاء مع كثرة عددهم. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة والبصرة وبعض المكيين: * (يرونهم مثليهم) * بالياء، بمعنى: يرى المسلمون الذين يقاتلون في سبيل الله الجماعة الكافرة مثلي المسلمين في القدر. فتأويل الآية على قراءتهم: قد كان لكم يا معشر اليهود عبرة ومتفكر في فئتين التقتا، فئة تقاتل في سبيل الله، وأخرى كافرة، يرى هؤلاء المسلمون مع قلة عددهم هؤلاء المشركين في كثرة عددهم.
فإن قال قائل: وما وجه تأويل قراءة من قرأ ذلك بالياء، وأي الفئتين رأت صاحبتها مثليها؟ الفئة المسلمة هي التي رأت المشركة مثليها، أم المشركة هي التي رأت المسلمة كذلك، أم غيرهما رأت إحداهما كذلك؟ قيل: اختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم: الفئة التي رأت الأخرى مثلي أنفسها الفئة المسلمة، رأت عدد الفئة المشركة مثلي عدد الفئة المسلمة، قللها الله عز وجل في أعينها حتى رأتها مثلي عدد أنفسها، ثم قللها في حال أخرى، فرأتها مثل عدد أنفسها. ذكر من قال ذلك:
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود: * (قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين) * قال: هذا يوم بدر، قال عبد الله بن مسعود: قد نظرنا إلى المشركين، فرأيناهم يضعفون علينا، ثم نظرنا إليهم فما رأيناهم يزيدون علينا رجلا واحدا، وذلك قول الله عز وجل: * (وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم) *.
فمعنى الآية على هذا التأويل: قد كان لكم يا معشر اليهود آية في فئتين التقتا:
إحداهما مسلمة، والأخرى كافرة، كثير عدد الكافرة، قليل عدد المسلمة، ترى الفئة القليل عددها، الكثير عددها أمثالا لها أنها تكثرها من العدد بمثل واحد، فهم يرونهم مثليهم، فيكون أحد المثلين عند ذلك، العدد الذي هو مثل عدد الفئة التي رأتهم، والمثل الآخر:
الضعف الزائد على عددهم، فهذا أحد معنيي التقليل الذي أخبر الله عز وجل المؤمنين أنه قللهم في أعينهم، والمعنى الآخر منه: التقليل الثاني على ما قاله ابن مسعود، وهو أن