يؤوده حفظهما) * على أن ذلك كذلك، فأخبر أنه لا يؤده حفظ ما علم، وأحاط به مما في السماوات والأرض، وكما أخبر عن ملائكته أنهم قالوا في دعائهم: * (ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما) * فأخبر تعالى ذكره أن علمه وسع كل شئ، فكذلك قوله: * (وسع كرسيه السماوات والأرض) *. وأصل الكرسي: العلم، ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم مكتوب كراسة، ومنه قول الراجز في صفة قانص:
حتى إذا ما احتازها تكرسا يعني علم. ومنه يقال للعلماء: الكراسي، لأنهم المعتمد عليهم، كما يقال: أوتاد الأرض، يعني بذلك أنهم العلماء الذين تصلح بهم الأرض، ومنه قول الشاعر:
يحف بهم بيض الوجوه وعصبة كراسي بالاحداث حين تنوب يعني بذلك علماء بحوادث الأمور ونوازلها.
والعرب تسمي أصل كل شئ: الكرس، يقال منه: فلان كريم الكرس: أي كريم الأرض، قال العجاج:
قد علم القدوس مولى القدس * أن أبا العباس أولى نفس بمعدن الملك الكريم الكرس