عن موسى (ص) على المنبر، قال: وقع في نفس موسى هل ينام الله تعالى ذكره؟ فأرسل الله إليه ملكا فأرقه ثلاثا، ثم أعطاه قارورتين، في كل يد قارورة، وأمره أن يحتفظ بهما قال:
فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان، ثم يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى، ثم نام نومة فاصطفقت يداه وانكسرت القارورتان. قال: ضرب الله مثلا له، أن الله لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض.
القول في تأويل قوله تعالى: * (له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) *.
يعني تعالى ذكره بقوله: * (له ما في السماوات وما في الأرض) * أنه مالك جميع ذلك بغير شريك ولا نديد، وخالق جميعه دون كل آلهة ومعبود. وإنما يعني بذلك أنه لا تنبغي العبادة لشئ سواه، لان المملوك إنما هو طوع يد مالكه، وليس له خدمة غيره إلا بأمره.
يقول: فجميع ما في السماوات والأرض ملكي وخلقي، فلا ينبغي أن يعبد أحد من خلقي غيري وأنا مالكه، لأنه لا ينبغي للعبد أن يعبد غير مالكه، ولا يطيع سوى مولاه.
وأما قوله: * (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) * يعني بذلك: من ذا الذي يشفع لمماليكه إن أراد عقوبتهم إلا أن يخليه، ويأذن له بالشفاعة لهم. وإنما قال ذلك تعالى ذكره لان المشركين قالوا: ما نعبد أوثاننا هذه إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فقال الله تعالى ذكره لهم: لي ما في السماوات وما في الأرض مع السماوات والأرض ملكا، فلا ينبغي العبادة لغيري، فلا تعبدوا الأوثان التي تزعمون أنها تقربكم مني زلفى، فإنها لا تنفعكم عندي ولا تغني عنكم شيئا، ولا يشفع عندي أحد لاحد إلا بتخليتي إياه والشفاعة لمن يشفع له، من رسلي وأوليائي وأهل طاعتي.
القول في تأويل قوله تعالى: * (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء) *.
يعني تعالى ذكره بذلك أنه المحيط بكل ما كان وبكل ما هو كائن علما، لا يخفى عليه شئ منه.