وقال آخرون: معنى ذلك: وهو العلي على خلقه بارتفاع مكانه عن أماكن خلقه، لأنه تعالى ذكره فوق جميع خلقه وخلقه دونه، كما وصف به نفسه أنه على العرش، فهو عال بذلك عليهم.
وكذلك اختلفوا في معنى قوله: * (العظيم) * فقال بعضهم: معنى العظيم في هذا الموضع: المعظم صرف المفعل إلى فعيل، كما قيل للخمر المعتقة: خمر عتيق، كما قال الشاعر:
وكأن الخمر العتيق من * الإسفنط ممزوجة بماء زلال وإنما هي معتقة. قالوا: فقوله العظيم معناه: المعظم الذي يعظمه خلقه ويهابونه ويتقونه. قالوا: وإما يحتمل قول القائل: هو عظيم أحد معنيين: أحدهما: ما وصفنا من أنه معظم، والآخر: أنه عظيم في المساحة والوزن. قالوا: وفي بطول القول بأن يكون معنى ذلك: أنه عظيم في المساحة والوزن صحة القول بما قلنا.
وقال آخرون: بل تأويل قوله: * (العظيم) * هو أن له عظمة هي له صفة. وقالوا: لا نصف عظمته بكيفية، ولكنا نضيف ذلك إليه من جهة الاثبات، وننفي عنه أن يكون ذلك على معنى مشابهة العظم المعروف من العباد، لان ذلك تشبيه له بخلقه، وليس كذلك.
وأنكر هؤلاء ما قاله أهل المقالة التي قدمنا ذكرها، وقالوا: لو كان معنى ذلك أنه معظم، لوجب أن يكون قد كان غير عظيم قبل أن يخلق الخلق، وأن يبطل معنى ذلك عند فناء الخلق، لأنه لا معظم له في هذه الأحوال.
وقال آخرون: بل قوله: إنه العظيم وصف منه نفسه بالعظم. وقالوا: كل ما دونه من خلقه فبمعنى الصغر لصغرهم عن عظمته. القول في تأويل قوله تعالى: