حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قوله: * (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) * قال: من الزكاة والتطوع.
* (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) * يقول: ادخروا لأنفسكم عند الله في دنياكم من أموالكم بالنفقة منها في سبيل الله، والصدقة على أهل المسكنة والحاجة، وإيتاء ما فرض الله عليكم فيها، وابتاعوا بها ما عنده مما أعده لأوليائه من الكرامة، بتقديم ذلك لأنفسكم، ما دام لكم السبيل إلى ابتياعه، بما ندبتكم إليه، وأمرتكم به من النفقة من أموالكم. * (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه) * يعني من قبل مجئ يوم لا بيع فيه، يقول: لا تقدرون فيه على ابتياع ما كنتم على ابتياعه بالنفقة من أموالكم التي أمرتكم به، أو ندبتكم إليه في الدنيا قادرين، لأنه يوم جزاء وثواب وعقاب، لا يوم عمل واكتساب وطاعة ومعصية، فيكون لكم إلى ابتياع منازل أهل الكرامة بالنفقة حينئذ، أو بالعمل بطاعة الله، سبيل، ثم أعلمهم تعالى ذكره أن ذلك اليوم - مع ارتفاع العمل الذي ينال به رضا الله، أو الوصول إلى كرامته بالنفقة من الأموال، إذ كان لا مال هنالك يمكن إدراك ذلك به - يوم لا مخالة فيه نافعة كما كانت في الدنيا، فإن خليل الرجل في الدنيا قد كان ينفعه فيها بالنصرة له على من حاوله بمكروه وأراده بسوء، والمظاهرة له على ذلك. فآيسهم تعالى ذكره أيضا من ذلك، لأنه لا أحد يوم القيامة ينصر أحدا من الله، بل الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين، كما قال الله تعالى ذكره. وأخبرهم أيضا أنهم يومئذ مع فقدهم السبيل إلى ابتياع ما كان لهم إلى ابتياعه سبيل في الدنيا بالنفقة من أموالهم، والعمل بأبدانهم، وعدمهم النصراء من الخلان، والظهراء من الاخوان، لا شافع لهم يشفع عند الله كما كان ذلك لهم في الدنيا، فقد كان بعضهم يشفع في الدنيا لبعض بالقرابة والجوار والخلة، وغير ذلك من الأسباب، فبطل ذلك كله يومئذ، كما أخبر تعالى ذكره عن قيل أعدائه من أهل الجحيم في الآخرة إذا صاروا فيها: * (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) *.