رفع (1). ومن قرأه كذلك لم يحتمل قرأته معنى النهي، ولكنها تكون بالخبر عطفا بقوله (لا تضار) على قوله: (لا تكلف نفس إلا وسعها). وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معنى من رفع لا تضار والدة بولدها هكذا في الحكم، أنه لا تضار والدة بولدها، أي ما ينبغي أن تضار، فلما حذفت (ينبغي) وصار (تضار) في وضعه صار على لفظه، واستشهد لذلك بقول الشاعر:
على الحكم المأتي يوما إذا قضى * قضيته أن لا يجوز ويقصد (2) فزعم أنه رفع يقصد بمعنى ينبغي. والمحكي عن العرب سماعا غير الذي قال، وذلك أنه روي عنهم سماعا فتصنع ماذا، إذا أرادوا أن يقولوا: فتريد أن تصنع ماذا، فينصبونه بنية (أن)، وإذا لم ينووا (أن) ولم يريدوها، قالوا: فتريد ماذا، فيرفعون تريد، لان لا جالب ل (أن) قبله، كما كان له جالب قبل تصنع، فلو كان معنى قوله لا تضار إذا قرئ رفعا بمعنى: ينبغي أن لا تضار، أما ما ينبغي أن تضار ثم خذف ينبغي وأن، وأقيم تضار مقام ينبغي لكان الواجب أن يقرأ إذا قرئ بذلك المعنى نصبا لا رفعا، ليعلم بنصبه المتروك قبله المعني بالمراد، كما فعل بقوله فتصنع ماذا، ولكن معنى ذلك ما قلنا إذا رفع على العطف على لا تكلف ليست تكلف نفس إلا وسعها، وليست تضار والدة بولدها، يعني بذلك أنه ليس ذلك في دين الله وحكمه وأخلاق المسلمين.
وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأ بالنصب، لأنه نهي من الله تعالى ذكره كل واحد من أبوي المولود عن مضارة صاحبه له حرام عليهما ذلك بإجماع المسلمين، فلو كان ذلك خبرا لكان حراما عليهما ضرارهما به كذلك. وبما قلنا في ذلك من أن ذلك بمعنى النهي تأوله أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: