أحد الفريقين الآخر، كأنه أراد بقوله: فلا إثم عليه لا يقل المتعجل للمتأخر: أنت آثم، ولا المتأخر للمتعجل أنت آثم بمعنى: فلا يؤثمن أحدهما الآخر. وهذا أيضا تأويل لقول جميع أهل التأويل مخالف، وكفى بذلك شاهدا على خطئه.
القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون.
يعني بذلك جل ثناؤه: واتقوا الله أيها المؤمنون فيما فرض عليكم من فرائضه، فخافوه في تضييعها والتفريط فيها، وفيما نهاكم عنه في حجكم ومناسككم أن ترتكبوه أو تأتوه وفيما كلفكم في إحرامكم لحجكم أن تقصروا في أدائه والقيام به، واعلموا أنكم إليه تحشرون، فمجازيكم هو بأعمالكم، المحسن منكم بإحسانه، والمسئ بإساءته، وموف كل نفس منكم ما عملت وأنتم لا تظلمون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام) * وهذا نعت من الله تبارك وتعالى للمنافقين، يقول جل ثناؤه: ومن الناس من يعجبك يا محمد ظاهر قوله وعلانيته، ويستشهد الله على ما في قلبه، وهو ألد الخصام، جدل بالباطل.
ثم اختلف أهل التأويل فيمن نزلت فيه هذه الآية، قال بعضهم: نزلت في الأخنس بن شريق، قدم على رسول الله (ص)، فزعم أنه يريد الاسلام، وحلف أنه ما قدم إلا لذلك، ثم خرج فأفسد أموالا من أموال المسلمين. ذكر من قال ذلك:
3140 - حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام قال: نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، وهو حليف لبني زهرة. وأقبل إلى النبي (ص) بالمدينة، فأظهر له الاسلام، فأعجب النبي (ص) ذلك منه، وقال: إنما جئت أريد الاسلام، والله يعلم أني صادق. وذلك قوله: ويشهد الله على ما في قلبه ثم خرج من عند النبي (ص)، فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر، فأحرق الزرع، وعقر الحمر، فأنزل الله عز وجل: وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل.