من السماء، فأخصب به جنابكم بعد جدوبه، وأمرعه بعد دثوره، فنعشكم به بعد قنوطكم، وذلك هو معنى قوله: وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيى به الأرض بعد موتها. وسخر لكم الانعام فيها لكم مطاعم ومآكل، ومنها جمال ومراكب، ومنها أثاث وملابس، وذلك هو معنى قوله: وبث فيها من كل دابة. وأرسل لكم الرياح لواقح لأشجار ثماركم وغذائكم وأقواتكم، وسير لكم السحاب الذي بودقه حياتكم وحياة نعمكم ومواشيكم وذلك هو معنى قوله: وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض.
فأخبرهم أن إلههم هو الله الذي أنعم عليهم بهذه النعم، وتفرد لهم بها. ثم قال:
هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شئ فتشركوه في عبادتكم إياي، وتجعلوه لي ندا وعدلا؟ فإن لم يكن من شركائكم من يفعل ذلكم من شئ، ففي الذي عددت عليكم من نعمتي وتفردت لكم بأيادي دلالات لكم إن كنتم تعقلون مواقع الحق والباطل والجور والانصاف، وذلك أني لكم بالاحسان إليكم متفرد دون غيري، وأنتم تجعلون لي في عبادتكم إياي أندادا. فهذا هو معنى الآية.
والذين ذكروا بهذه الآية واحتج عليهم بها هم القوم الذين وصفت صفتهم دون المعطلة والدهرية، وإن كان في أصغر ما عد الله في هذه الآية من الحجج البالغة، المقنع لجميع الأنام، تركنا البيان عنه كراهة إطالة الكتاب بذكره. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا