القول في تأويل قوله تعالى: إن الله عزيز حكيم.
يعني تعالى ذكره بذلك: إن الله عزيز في سلطانه لا يمنعه مانع مما أحل بكم من عقوبة، لو أعنتكم بما يجهدكم القيام به من فرائضه، فقصرتم في القيام به، ولا يقدر دافع أن يدفعه عن ذلك ولا عن غيره مما يفعله بكم وبغيركم من ذلك لو فعله هو، لكنه بفضل رحمته من عليكم بترك تكليفه إياكم ذلك، وهو حكيم في ذلك لو فعله بكم، وفي غيره من أحكامه وتدبيره لا يدخل أفعاله خلل ولا نقص ولا وهي ولا عيب، لأنه فعل ذي الحكمة الذي لا يجهل عواقب الأمور، فيدخل تدبيره مذمة عاقبة، كما يدخل ذلك أفعال الخلق لجهلهم بعواقب الأمور، لسوء اختيارهم فيها ابتداء. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون) * اختلف أهل التأويل في هذه الآية: هل نزلت مرادا بها كل مشركة، أم مراد بحكمها بعض المشركات دون بعض؟ وهل نسخ منها بعد وجوب الحكم بها شئ أم لا؟ فقال بعضهم: نزلت مرادا بها تحريم نكاح كل مشركة على كل مسلم من أن أجناس الشرك كانت عابدة وثن أو كانت يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو من غيرهم من أصناف الشرك، ثم نسخ تحريم نكاح أهل الكتاب بقوله: يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات إلى:
وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم. ذكر من قال ذلك:
3368 - حدثني علي بن واقد، قال: ثني عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ثم استثنى نساء أهل الكتاب فقال: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب حل لكم إذا آتيتموهن أجورهن.
3369 - حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد،