عملوا بها، وهلا عملوا بغيرها فندموا على ما فرط منهم من أعمالهم الرديئة إذ رأوا جزاءها من الله وعقابها؟ لان الله أخبر أنه يريهم أعمالهم ندما عليهم. فالذي هو أولى بتأويل الآية ما دل عليه الظاهر دون ما احتمله الباطن الذي لا دلالة على أنه المعني بها. والذي قال السدي في ذلك وإن كان مذهبا تحتمله الآية، فإنه منزع بعيد، ولا أثر بأن ذلك كما ذكر تقوم به حجة فيسلم لها، ولا دلالة في ظاهر الآية أنه المراد بها. فإذا كان الامر كذلك لم يحل ظاهر التنزيل إلى باطن تأويل.
القول في تأويل قوله تعالى: وما هم بخارجين من النار.
يعني تعالى ذكره بذلك: وما هؤلاء الذين وصفتهم من الكفار وإن ندموا بعد معاينتهم ما عاينوا من عذاب الله، فاشتدت ندامتهم على ما سلف منهم من أعمالهم الخبيثة، وتمنوا إلى الدنيا كرة لينيبوا فيها، ويتبرأوا من مضليهم وسادتهم الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله فيها بخارجين من النار التي أصلاهموها الله بكفرهم به في الدنيا، ولا ندمهم فيها بمنجيهم من عذاب الله حينئذ، ولكنهم فيها مخلدون. وفي هذه الآية الدلالة على تكذيب الله الزاعمين أن عذاب الله أهل النار من أهل الكفر منقض، وأنه إلى نهاية، ثم هو بعد ذلك فان لان الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء الذين وصف صفتهم في هذه الآية، ثم ختم الخبر عنهم أنهم غير خارجين من النار بغير استثناء منه وقتا دون وقت، فذلك إلى غير حد ولا نهاية. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) * يعني تعالى ذكره بذلك: يا أيها الناس كلوا مما أحللت لكم من الأطعمة على لسان رسولي محمد (ص) فطيبته لكم مما تحرمونه على أنفسكم من البحائر والسوائب والوصائل، وما أشبه ذلك مما لم أحرمه عليكم، دون ما حرمته عليكم من المطاعم والمآكل فنجسته من ميتة ودم ولحم خنزير وما أهل به لغيري، ودعوا خطوات الشيطان الذي يوبقكم فيهلككم ويوردكم موارد العطب ويحرم عليكم أموالكم فلا تتبعوها ولا تعملوا بها، إنه يعني بقوله إنه إن الشيطان، والهاء في قوله: إنه عائدة على الشيطان لكم أيها الناس عدو مبين يعني أنه قد أبان لكم عداوته بإبائه عن السجود لأبيكم وغروره إياه حتى أخرجه من الجنة واستزله بالخطيئة، وأكل من الشجرة. يقول تعالى ذكره: فلا تنتصحوه