كان من أهل الايمان بالله وبرسوله في مشيئة الله يوم القيامة إن شاء واخذه به في الآخرة، وإن شاء عفا عنه بتفضله، ولا كفارة عليه فيها في العاجل، لأنها ليست من الايمان التي يحنث فيها، وإنما الكفارة تجب في الايمان بالحنث فيها، والحالف الكاذب في يمينه ليست يمينه مما يتبدأ فيه الحنث فتلزم فيه الكفارة.
والوجه الآخر منهما: على وجه العزم عل إيجاب عقد اليمين في حال عزمه على ذلك، فذلك مما لا يؤاخذ به صاحبه حتى يحنث فيه بعد حلفه، فإذا حنث فيه بعد حلفه كان مؤاخذا بما كان اكتسبه قلبه من الحلف بالله على إثم وكذب في العاجل بالكفارة التي جعلها الله كفارة لذنبه.
القول في تأويل قوله تعالى: والله غفور حليم.
يعني تعالى ذكره بذلك: والله غفور لعباده فيما لغوا من أيمانهم التي أخبر الله تعالى ذكره أنه لا يؤاخذهم بها، ولو شاء واخذهم بها، ولما واخذهم بها فكفروها في عاجل الدنيا بالتكفير فيه، ولو شاء واخذهم في آجل الآخرة بالعقوبة عليه، فساتر عليهم فيها، وصافح لهم بعفوه عن العقوبة فيها وغير ذلك من ذنوبهم. حليم في تركه معاجلة أهل معصيته العقوبة على معاصيهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فآءوا فإن الله غفور رحيم) * يعني تعالى ذكره بقوله: للذين يؤلون الذين يقسمون ألية، والالية: الحلف.
كما:
3559 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا مسلمة بن علقمة، قال: ثنا داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب في قوله: للذين يؤلون يحلفون. يقال: آلى فلان يؤلي إيلاء وألية، كما قال الشاعر:
كفينا من تغيب من تراب * وأحنثنا ألية مقسمينا ويقال ألوة وألوة، كما قال الراجز:
() (يا ألوة ما ألوة ما ألوتي