القول في تأويل قوله تعالى: يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شئ عليم.
يعني تعالى ذكره بقوله: يعظكم به يعظكم بالكتاب الذي أنزل عليكم. والهاء التي في قوله به عائدة على الكتاب. واتقوا الله يقول: وخافوا الله فيما أمركم به، وفيما نهاكم عنه في كتابه الذي أنزله عليكم، وفيما أنزله فبينه على لسان رسول الله (ص) لكم أن تضيعوه وتتعدوا حدوده، فتستوجبوا ما لا قبل لكم به من أليم عقابه، ونكال عذابه.
وقوله: واعلموا أن الله بكل شئ عليم يقول: واعلموا أيها الناس أن ربكم الذي حد لكم هذه الحدود، وشرع لكم هذه الشرائع، وفرض عليكم هذه الفرائض في كتابه وفي تنزيله، على رسوله محمد (ص) بكل ما أنتم عاملوه من خير وشر، وحسن وسيئ، وطاعة ومعصية، عالم لا يخفى عليه من ظاهر ذلك وخفيه وسره وجهره شئ، وهو مجازيكم بالاحسان إحسانا، وبالسيئ سيئا، إلا أن يعفو ويصفح فلا تتعرضوا لعقابه، ولا تظلموا أنفسكم. القول في تأويل قوله تعالى:) * وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون) * ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل كانت له أخت كان زوجها من ابن عم لها، فطلقها وتركها فلم يراجعها حتى انقضت عدتها، ثم خطبها منه، فأبى أن يزوجها إياه ومنعها منه وهي فيه راغبة.
ثم اختلف أهل التأويل في الرجل الذي كان فعل ذلك فنزلت فيه هذه الآية، فقال بعضهم: كان ذلك الرجل معقل بن يسار المزني. ذكر من قال ذلك:
3890 - حدثني محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن معقل بن يسار، قال: كانت أخته تحت رجل فطلقها ثم خلا عنها حتى إذا انقضت عدتها خطبها، فحمي معقل من ذلك أنفا وقال: خلا عنها وهو يقدر عليها