فمني، فيقرون بعبوديتي، ويوحدونني بالربوبية، ويصدقون بالمعاد والرجوع إلي فيستسلمون لقضائي، ويرجون ثوابي ويخافون عقابي، ويقولون عند امتحاني إياهم ببعض محني، وابتلائي إياهم بما وعدتهم أن أبتليهم به من الخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات وغير ذلك من المصائب التي أنا ممتحنهم بها. إنا مماليك ربنا ومعبودنا أحياء ونحن عبيده وإنا إليه بعد مماتنا صائرون تسليما لقضائي ورضا بأحكامي. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) يعني تعالى ذكره بقوله: أولئك هؤلاء الصابرون الذين وصفهم ونعتهم عليهم، يعني لهم صلوات يعني مغفرة. وصلوات الله على عباده: غفرانه لعباده، كالذي روي عن النبي (ص) أنه قال: اللهم صل على آل أبي أوفى يعني اغفر لهم. وقد بينا الصلاة وما أصلها في غير هذا الموضع.
وقوله: ورحمة يعني ولهم مع المغفرة التي بها صفح عن ذنوبهم وتغمدها رحمة من الله ورأفة.
ثم أخبر تعالى ذكره مع الذي ذكر أنه معطيهم على اصطبارهم على محنه تسليما منهم لقضائه من المغفرة والرحمة أنهم هم المهتدون المصيبون طريق الحق والقائلون ما يرضى عنهم والفاعلون ما استوجبوا به من الله الجزيل من الثواب. وقد بينا معنى الاهتداء فيما مضى فإنه بمعنى الرشد بالصواب. وبمعنى ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
1932 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون قال:
أخبر الله أن المؤمن إذا سلم الامر إلى الله ورجع واسترجع عند المصيبة، كتب له ثلاث خصال من الخير: الصلاة من الله، والرحمة، وتحقيق سبيل الهدى. وقال رسول الله (ص):