الشرك والحيرة والعمى عن طريق الحق وبعد الضلالة كذكره إياكم بالهدى، حتى استنقذكم من النار به بعد أن كنتم على شفا حفرة منها، فنجاكم منها. وذلك هو معنى قوله: كما هداكم.
وأما قوله: وإن كنتم من قبله لمن الضالين فإن من أهل العربية من يوجه تأويل إن إلى تأويل ما، وتأويل اللام التي في لمن إلى إلا.
فتأويل الكلام على هذا المعنى: وما كنتم من قبل هداية الله إياكم لما هداكم له من ملة خليله إبراهيم التي اصطفاها لمن رضي عنه من خلقه إلا من الضالين. ومنهم من يوجه تأويل إن إلى قد، فمعناه على قول قائل هذه المقالة: واذكروا الله أيها المؤمنون كما ذكركم بالهدى، فهداكم لما رضيه من الأديان والملل، وقد كنتم من قبل ذلك من الضالين.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) * اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، ومن المعني بالأمر بالإفاضة من حيث أفاض الناس، ومن الناس الذين أمروا بالإفاضة من موضع إفاضتهم. فقال بعضهم: المعني بقوله: ثم أفيضوا قريش، ومن ولدته قريش الذين كانوا يسمون في الجاهلية الحمس، أمروا في الاسلام أن يفيضوا من عرفات، وهي التي أفاض منها سائر الناس غير الحمس. وذلك أن قريشا ومن ولدته قريش، كانوا يقولون: لا نخرج من الحرم. فكانوا لا يشهدون موقف الناس بعرفة معهم، فأمرهم الله بالوقوف معهم. ذكر من قال ذلك:
3044 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال: ثنا هشام بن عروة، عن أبيه. عن عائشة قالت: كانت قريش ومن كان على دينها وهم الحمس، يقفون بالمزدلفة يقولون: نحن قطين الله، وكان من سواهم يقفون بعرفة.
فأنزل الله: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس.
3045 - حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثني أبي، قال: ثنا