وبمثل الذي قلنا من ذلك قال ابن زيد.
4340 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (فإذا أمنتم فاذكروا الله) قال: فإذا أمنتم، فصلوا الصلاة كما افترض الله عليكم إذا جاء الخوف، كانت لهم رخصة. وقوله ههنا (فاذكروا الله) قال: الصلاة (كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون).
وهذا القول الذي ذكرنا عن مجاهد قول غيره أولى بالصواب منه، لاجماع الجميع على أن الخوف متى زال فواجب على المصلي المكتوبة وإن كان في سفر أداؤها بركوعها وسجودها وحدودها، وقائما بالأرض غير ماش ولا راكب، كالذي يجب عليه من ذلك إذا كان مقيما في مصره وبلده، إلا ما أبيح له من القصر فيها في سفره، ولم يجر في هذه الآية للسفر ذكر فيتوجه قوله: (فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) إليه. وإنما جرى ذكر الصلاة في حال الامن وحال شدة الخوف، فعرف الله سبحانه وتعالى عباده صفة الواجب عليهم من الصلاة فيهما، ثم قال: فإذا أمنتم فزال الخوف فأقيموا صلاتكم وذكرى فيها وفي غيرها مثل الذي وجبته عليكم قبل حدوث حال الخوف وبعده.
فإن كان جرى للسفر ذكر، ثم أراد الله تعالى ذكره تعريف خلقه صفة الواجب عليهم من الصلاة بعد مقامهم لقال: فإذا أقمتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلموا، ولم يقل: فإذا أمنتم، وفي قوله تعالى ذكره: (فإذا أمنتم) الدلالة الواضحة على صحة قول من وجه تأويل ذلك إلى الذي قلنا فيه، وخلاف قول مجاهد. القول في تأويل قوله تعالى:
(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير اخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم (240)) يعنى تعالى ذكره بذلك: والذين يتوفون منكم أيها الرجال، (ويذرون أزواجا) يعنى زوجات كن له نساء في حياته، بنكاح لا ملك يمين. ثم صرف الخبر عن ذكر من ابتدأ الخير بذكره، نظير الذي مضى من ذلك في قوله: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) (1) إلى الخبر عن ذكر أزواجهم. وقد ذكرنا وجه ذلك، ودللنا على صحة القول فيه في نظيره الذي