وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
2065 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار يقول: ما أخذوا عليه من الاجر.
فإن قال قائل: فهل يكون الأكل في غير البطن فيقال: ما يأكلون في بطونهم؟ قيل:
قد تقول العرب جعت في غير بطني، وشبعت في غير بطني، فقيل في بطونهم لذلك كما يقال: فعل فلان هذا نفسه. وقد بينا ذلك في غير هذا الموضع فيما مضى.
وأما قوله: ولا يكلمهم الله يوم القيامة يقول: ولا يكلمهم بما يحبون ويشتهون، فأما بما يسوءهم ويكرهون فإنه سيكلمهم لأنه قد أخبر تعالى ذكره أنه يقول لهم إذا قالوا : ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال: اخسئوا فيها ولا تكلمون الآيتين.
وأما قوله: ولا يزكيهم فإنه يعني: ولا يطهرهم من دنس ذنوبهم وكفرهم، ولهم عذاب أليم يعني موجع. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار) * يعني تعالى ذكره بقوله: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى أولئك الذين أخذوا الضلالة وتركوا الهدى، وأخذوا ما يوجب لهم عذاب الله يوم القيامة وتركوا ما يوجب لهم غفرانه ورضوانه. فاستغنى بذكر العذاب والمغفرة من ذكر السبب الذي يوجبهما، لفهم سامعي ذلك لمعناه والمراد منه. وقد بينا نظائر ذلك فيما مضى، وكذلك بينا وجه:
اشتروا الضلالة بالهدى باختلاف المختلفين والدلالة الشاهدة بما اخترنا من القول فيما مضى قبل فكرهنا إعادته.
القول في تأويل قوله تعالى: فما أصبرهم على النار.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار. ذكر من قال ذلك:
2066 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: فما أصبرهم على النار يقول: فما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار.