3082 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قال: فهؤلاء النبي (ص) والمؤمنون.
3083 - حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة هؤلاء المؤمنون أما حسنة الدنيا فالمال، وأما حسنة الآخرة فالجنة.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله جل ثناؤه أخبر عن قوم من أهل الايمان به وبرسوله، ممن حج بيته، يسألون ربهم الحسنة في الدنيا، والحسنة في الآخرة، وأن يقيهم عذاب النار. وقد تجمع الحسنة من الله عز وجل العافية في الجسم والمعاش والرزق وغير ذلك والعلم والعبادة. وأما في الآخرة فلا شك أنها الجنة، لان من لم ينلها يومئذ فقد حرم جميع الحسنات وفارق جميع معاني العافية.
وإنما قلنا إن ذلك أولى التأويلات بالآية لان الله عز وجل لم يخصص بقوله مخبرا عن قائل ذلك من معاني الحسنة شيئا، ولا نصب على خصوصه دلالة دالة على أن المراد من ذلك بعض دون بعض، فالواجب من القول فيه ما قلنا من أنه لا يجوز أن يخص من معاني ذلك شئ، وأن يحكم له بعمومه على ما عمه الله.
وأما قوله: وقنا عذاب النار فإنه يعني بذلك: اصرف عنا عذاب النار، يقال منه:
وقيته، كذا أقيه وقاية وواقية ووقاء ممدودا، وربما قالوا: وقاك الله وقيا: إذا دفعت عنه أذى أو مكروها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب) * يعني بقوله جل ثناؤه: أولئك الذين يقولون بعد قضاء مناسكهم: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار رغبة منهم إلى الله جل ثناؤه فيما عنده، وعلما منهم بأن الخير كله من عنده، وأن الفضل بيده يؤتيه من يشاء. فأعلم جل ثناؤه أن لهم نصيبا وحظا من حجهم ومناسكهم وثوابا جزيلا على عملهم الذي كسبوه، وباشروا معاناته بأموالهم وأنفسهم خاصا ذلك لهم دون الفريق الآخر الذين عانوا ما عانوا من نصب أعمالهم وتعبها، وتكلفوا ما تكلفوا من أسفارهم بغير رغبة منهم فيما عند ربهم من الأجر والثواب، ولكن رجاء خسيس من عرض الدنيا وابتغاء عاجل حطامها. كما: