اتباعك يا محمد، والاقرار بما جئت به من عندي تعظما منهم على من صدقك واتبعك، ويسخرون بمن تبعك من أهل الايمان، والتصديق بك، في تركهم المكاثرة، والمفاخرة بالدنيا وزينتها من الرياش والأموال، بطلب الرياسات وإقبالهم على طلبهم ما عندي برفض الدنيا وترك زينتها، والذين عملوا لي وأقبلوا على طاعتي ورفضوا لذات الدنيا وشهواتها، اتباعا لك، وطلبا لما عندي، واتقاء منهم بأداء فرائضي، وتجنب معاصي فوق الذين كفروا يوم القيامة بإدخال المتقين الجنة، وإدخال الذين كفروا النار.
وبنحو الذي قلنا في ذلك من التأويل قال جماعة منهم. ذكر من قال ذلك:
3217 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قوله:
زين للذين كفروا الحياة الدنيا قال: الكفار يبتغون الدنيا ويطلبونها، ويسخرون من الذين آمنوا في طلبهم الآخرة. قال ابن جريج: لا أحسبه إلا عن عكرمة، قال: قالوا: لو كان محمد نبيا كما يقول، لاتبعه أشرافنا وساداتنا، والله ما اتبعه إلا أهل الحاجة مثل ابن مسعود.
3218 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة قال: فوقهم في الجنة.
القول في تأويل قوله تعالى: والله يرزق من يشاء بغير حساب.
ويعني بذلك: والله يعطي الذين اتقوا يوم القيامة من نعمه وكراماته وجزيل عطاياه، بغير محاسبة منه لهم على ما من به عليهم من كرامته.
فإن قال لنا قائل: وما في قوله: يرزق من يشاء بغير حساب من المدح؟ قيل:
المعنى الذي فيه من المدح الخبر عن أنه غير خائف نفاد خزائنه، فيحتاج إلى حساب ما يخرج منها، إذ كان الحساب من المعطي إنما يكون ليعلم قدر العطاء الذي يخرج من ملكه إلى غيره لئلا يتجاوز في عطاياه إلى ما يجحف به، فربنا تبارك وتعالى غير خائف نفاد خزائنه، ولا انتقاص شئ من ملكه بعطائه ما يعطي عباده، فيحتاج إلى حساب ما يعطي، وإحصاء ما يبقي فذلك المعنى الذي في قوله: والله يرزق من يشاء بغير حساب.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد