الظاهر من التأويل أن الفريق الموصوف بأن شرى نفسه لله وطلب رضاه، إنما شراها للوثوب بالفريق الفاجر طلب رضا الله. فهذا هو الأغلب الأظهر من تأويل الآية.
وأما ما روي من نزول الآية في أمر صهيب، فإن ذلك غير مستنكر، إذ كان غير مدفوع جواز نزول آية من عند الله على رسوله (ص) بسبب من الأسباب، والمعني بها كل من شمله ظاهرها.
فالصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله عز ذكره وصف شاريا نفسه ابتغاء مرضاته، فكل من باع نفسه في طاعته حتى قتل فيها أو استقتل وإن لم يقتل، فمعني بقوله:
ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله في جهاد عدو المسلمين كان ذلك منه أو في أمر بمعروف أو نهي عن منكر.
القول في تأويل قوله تعالى: والله رؤوف بالعباد.
قد دللنا فيما مضى على معنى الرأفة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، وأنها رقة الرحمة فمعنى ذلك: والله ذو رحمة واسعة بعبده الذي يشري نفسه له في جهاد من حاده في أمره من أهل الشرك والفسوق وبغيره من عباده المؤمنين في عاجلهم وآجل معادهم، فينجز لهم الثواب على ما أبلوا في طاعته في الدنيا، ويسكنهم جناته على ما عملوا فيها من مرضاته. القول في تأول قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كآفة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) * اختلف أهل التأويل في معنى السلم في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه:
الاسلام. ذكر من قال ذلك:
3181 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله عز وجل: ادخلوا في السلم قال: ادخلوا في الاسلام.
3182 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة قوله: ادخلوا في السلم قال: ادخلوا في الاسلام.
3183 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ادخلوا في السلم كافة قال: السلم: الاسلام.