إبراهيم، وأضلكم أيها اليهود والمنافقون وجماعة الشرك بالله، فخذلكم عما هدانا له من ذلك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم) * يعني جل ثناؤه بقوله: وكذلك جعلناكم أمة وسطا كما هديناكم أيها المؤمنون بمحمد عليه الصلاة والسلام، وبما جاءكم به من عند الله، فخصصناكم بالتوفيق لقبلة إبراهيم وملته، وفضلناكم بذلك على من سواكم من أهل الملل كذلك خصصناكم ففضلناكم على غيركم من أهل الأديان بأن جعلناكم أمة وسطا. وقد بينا أن الأمة هي القرن من الناس والصنف منهم وغيرهم. وأما الوسط فإنه في كلام العرب: الخيار، يقال منه:
فلان وسط الحسب في قومه: أي متوسط الحسب، إذا أرادوا بذلك الرفع في حسبه، وهو وسط في قومه وواسط، كما يقال شاة يابسة اللبن، ويبسة اللبن، وكما قال جل ثناؤه:
فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا. وقال زهير بن أبي سلمى في الوسط:
هم وسط يرضى الأنام يحكمهم إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم قال: وأنا أرى أن الوسط في هذا الموضع هو الوسط الذي بمعنى الجزء الذي هو بين الطرفين، مثل وسط الدار، محرك الوسط مثقله، غير جائز في سينه التخفيف. وأرى أن الله تعالى ذكره إنما وصفهم بأنهم وسط لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلو فيه غلو النصارى الذين غلوا بالترهب وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصير فيه تقصير