فإن قال لنا قائل: وكيف قيل ذلك يوعظ به وهو خطاب للجميع، وقد قال من قبل: فلا تعضلوهن وإذا جاز أن يقال في خطاب الجميع ذلك أفيجوز أن تقول لجماعة من الناس وأنت تخاطبهم أيها القوم: هذا غلامك وهذا خادمك، وأنت تريد: هذا خادمكم وهذا غلامكم؟ قيل لا، إن ذلك غير جائز مع الأسماء الموضوعات، لان ما أضيف له الأسماء غيرها، فلا يفهم سامع سمع قول قائل لجماعة أيها القوم هذا غلامك، أنه عنى بذلك: هذا غلامكم، إلا على استخطاء الناطق في منطقه ذلك، فإن طلب لمنطقه ذلك وجها، فالصواب صرف كلامه ذلك إلى إنه انصرف عن خطاب القوم بما أراد خطابهم به إلى خطاب رجل واحد منهم أو من غيرهم، وترك مجاوزة القوم بما أراد مجاوزتهم به من الكلام، وليس ذلك كذلك في ذلك لكثرة جري ذلك على ألسن العرب في منطقها وكلامها، حتى صارت الكاف التي هي كناية اسم المخاطب فيها كهيئة حرف من حروف الكلمة التي هي متصلة، وصارت الكلمة بها كقول القائل هذا، كأنها ليس معها اسم مخاطب، فمن قال: ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر أقر الكاف من ذلك موحدة مفتوحة في خطاب الواحدة من النساء والواحد من الرجال، والتثنية والجمع، ومن قال: ذلكم يوعظ به كسر في خطاب الواحدة من النساء، وفتح في خطاب الواحد من الرجال فقال في خطاب الاثنين منهم ذلكما، وفي خطاب الجمع ذلكم.
وقد قيل: إن قوله: ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله خطاب للنبي (ص)، ولذلك وجه ثم رجع إلى خطاب المؤمنين بقوله: من كان منكم يؤمن بالله وإذا وجه التأويل إلى هذا الوجه لم يكن فيه مؤنة.
القول في تأويل قوله تعالى: ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
يعني تعالى ذكره بقوله: ذلكم نكاح أزواجهن لهن، ومراجعة أزواجهن إياهن بما أباح لهن من نكاح ومهر جديد، أزكى لكم أيها الأولياء والأزواج والزوجات. ويعني بقوله: أزكى لكم أفضل وخير عند الله من فرقتهن أزواجهن.
وقد دللنا فيما مضى على معنى الزكاة، فأغنى ذلك عن إعادته.
وأما قوله وأطهر فإنه يعني بذلك: أطهر لقلوبكم وقلوبهن وقلوب أزواجهن من الريبة، وذلك أنهما إذا كان في نفس كل واحد منهما أعني الزوج والمرأة علاقة حب،