بل نأتم بآبائنا فنتبع ما وجدناهم عليه من تحليل ما كانوا يحلون وتحريم ما كانوا يحرمون قال الله تعالى ذكره: أولو كان آباؤهم يعني آباء هؤلاء الكفار الذين مضوا على كفرهم بالله العظيم لا يعقلون شيئا من دين الله وفرائضه وأمره ونهيه، فيتبعون على ما سلكوا من الطريق ويؤتم بهم في أفعالهم ولا يهتدون لرشد فيهتدي بهم غيرهم، ويقتدي بهم من طلب الدين، وأراد الحق والصواب؟
يقول تعالى ذكره لهؤلاء الكفار: فكيف أيها الناس تتبعون ما وجدتم عليه آباءكم فتتركون ما يأمركم به ربكم وآباؤكم لا يعقلون من أمر الله شيئا ولا هم مصيبون حقا ولا مدركون رشدا؟ وإنما يتبع المتبع ذا المعرفة بالشئ المستعمل له في نفسه، فأما الجاهل فلا يتبعه فيما هو به جاهل إلا من لا عقل له ولا تمييز. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون) * اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: مثل الكافر في قلة فهمه عن الله ما يتلى عليه في كتابه وسوء قبوله لما يدعى إليه من توحيد الله ويوعظ به، مثل البهيمة التي تسمع الصوت إذا نعق بها ولا تعقل ما يقال لها. ذكر من قال ذلك:
2028 - حدثنا هناد بن السري، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة في قوله: ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء قال: مثل البعير أو مثل الحمار تدعوه فيسمع الصوت ولا يفقه ما تقول.
2029 - حدثني محمد بن عبد الله بن زريع، قال: ثنا يوسف بن خالد السمتي، قال: ثنا نافع بن مالك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: كمثل الذي ينعق بما لا يسمع قال: هو كمثل الشاة ونحو ذلك.
2030 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال:
حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء كمثل البعير والحمار والشاة إن قلت لبعضها كل لا يعلم ما تقول غير أنه يسمع صوتك، وكذلك الكافر إن أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وعظته لم يعقل ما تقول، غير أنه يسمع صوتك.