كتبت عليكم من جهاد عدوكم، وقتال من أمرتكم بقتاله، فإني أعلم أن قتالكم إياهم، هو خير لكم في عاجلكم ومعادكم وترككم قتالهم شر لكم، وأنتم لا تعلمون من ذلك ما أعلم، يحضهم جل ذكره بذلك على جهاد أعدائه، ويرغبهم في قتال من كفر به. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) * يعني بذلك جل ثناؤه: يسألك يا محمد أصحابك عن الشهر الحرام وذلك رجب عن قتال فيه. وخفض القتال على معنى تكرير عن عليه، وكذلك كانت قراءة عبد الله بن مسعود فيما ذكر لنا. وقد:
3249 - حدثت عن عمار بن الحسن، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قال: يقول: يسألونك عن قتال فيه. قال:
وكذلك كان يقرؤها: عن قتال فيه.
قال أبو جعفر: قل يا محمد قتال فيه، يعني في الشهر الحرام كبير: أي عظيم عند الله استحلاله، وسفك الدماء فيه.
ومعنى قوله: قتال فيه قل القتال فيه كبير. وإنما قال: قل قتال فيه كبير، لان العرب كانت لا تقرع فيه الأسنة، فيلقى الرجل قاتل أبيه أو أخيه فيه فلا يهيجه تعظيما له، وتسميه مضر الأصم لسكون أصوات السلاح وقعقعته فيه. وقد:
3250 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثنا الليث، قال: ثنا الزبير، عن جابر قال: لم يكن رسول الله (ص) يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى، أو يغزو حتى إذا حضر ذلك أقام حتى ينسلخ.