يعني تعالى ذكره بقوله: أولئك الذين صدقوا من آمن بالله واليوم الآخر، ونعتهم النعت الذي نعتهم به في هذه الآية، يقول: فمن فعل هذه الأشياء فهم الذين صدقوا الله في إيمانهم وحققوا قولهم بأفعالهم، لا من ولى وجهه قبل المشرق والمغرب وهو يخالف الله في أمره وينقض عهده وميثاقه ويكتم الناس بيان ما أمره الله ببيانه ويكذب رسله.
وأما قوله: وأولئك هم المتقون فإنه يعني: وأولئك الذين اتقوا عقاب الله فتجنبوا عصيانه وحذروا وعده فلم يتعدوا حدوده وخافوه، فقاموا بأداء فرائضه.
وبمثل الذي قلنا في قوله: أولئك الذين صدقوا كان الربيع بن أنس يقول.
2107 - حدثت عن عمار بن الحسن، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع:
أولئك الذين صدقوا قال: فتكلموا بكلام الايمان، فكانت حقيقته العمل صدقوا الله . قال: وكان الحسن يقول: هذا كلام الايمان وحقيقته العمل، فإن لم يكن مع القول عمل فلا شئ. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم) * يعني تعالى ذكره بقوله: كتب عليكم القصاص في القتلى فرض عليكم.
فإن قال قائل: أفرض على ولي القتيل القصاص من قاتل وليه؟ قيل: لا ولكنه مباح له ذلك، والعفو، وأخذ الدية.
فإن قال قائل: وكيف قال: كتب عليكم القصاص؟ قيل: إن معنى ذلك على خلاف ما ذهبت إليه، وإنما معناه: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى، الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى. أي أن الحر إذا قتل الحر، فدم القاتل كف ء لدم القتيل، والقصاص منه دون غيره من الناس، فلا تجاوزوا بالقتل إلى غيره ممن لم يقتل، فإنه حرام عليكم أن تقتلوا بقتيلكم غير قاتله. والفرض الذي فرض الله علينا في القصاص هو ما وصفت من ترك المجاوزة بالقصاص قتل القاتل بقتيله إلى غيره لا أنه وجب علينا القصاص فرضا وجوب فرض الصلاة والصيام حتى لا يكون لنا تركه، ولو كان ذلك