وأما قوله: يتلو عليكم آياتنا فإنه يعني آيات القرآن، وبقوله: ويزكيكم ويطهركم من دنس الذنوب، ويعلمكم الكتاب وهو الفرقان، يعني أنه يعلمهم أحكامه، ويعني بالحكمة: السنن والفقه في الدين. وقد بينا جميع ذلك فيما مضى قبل بشواهده.
وأما قوله: ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون فإنه يعني: ويعلمكم من أخبار الأنبياء، وقصص الأمم الخالية، والخبر عما هو حادث وكائن من الأمور التي لم تكن العرب تعلمها، فعلموها من رسول الله (ص). فأخبرهم جل ثناؤه أن ذلك كله إنما يدركونه برسوله (ص). القول في تأويل قوله تعالى:
* (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) * يعني تعالى ذكره بذلك: فاذكروني أيها المؤمنون بطاعتكم إياي فيما آمركم به وفيما أنهاكم عنه، أذكركم برحمتي إياكم ومغفرتي لكم. كما:
1917 - حدثنا ابن حميد قال: ثنا ابن المبارك، عن ابن لهيعة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير: اذكروني أذكركم قال: اذكروني بطاعتي، أذكركم بمغفرتي.
وقد كان بعضهم يتأول ذلك أنه من الذكر بالثناء والمدح. ذكر من قال ذلك:
1918 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون إن الله ذاكر من ذكره، وزائد من شكره، ومعذب من كفره.
1919 - حدثني موسى قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: اذكروني أذكركم قال: ليس من عبد يذكر الله إلا ذكره الله، لا يذكره مؤمن إلا ذكره برحمة، ولا يذكره كافر إلا ذكره بعذاب.
القول في تأويل قوله تعالى: واشكروا لي ولا تكفرون.
يعني تعالى ذكره بذلك: اشكروا لي أيها المؤمنون فيما أنعمت عليكم من الاسلام والهداية للدين الذي شرعته لأنبيائي وأصفيائي ولا تكفرون يقول: ولا تجحدوا إحساني إليكم، فأسلبكم نعمتي التي أنعمت عليكم، ولكن اشكروا لي عليها، وأزيدكم، فأتمم نعمتي عليكم، وأهديكم لما هديت له من رضيت عنه من عبادي، فإني وعدت خلقي أن من