نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم؟ قيل: إن ذلك لم يقصد به ما توهمته، وإنما عنى به وقدموا لأنفسكم من الخيرات التي ندبناكم إليها بقولنا: يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين وما بعده من سائر ما سألوا رسول الله (ص)، فأجيبوا عنه مما ذكره الله تعالى ذكره في هذه الآيات، ثم قال تعالى ذكره: قد بينا لكم ما فيه رشدكم وهدايتكم إلى ما يرضي ربكم عنكم، فقدموا لأنفسكم الخير الذي أمركم به، واتخذوا عنده به عهدا لتجدوه لديه إذا لقيتموه في معادكم، واتقوه في معاصيه أن تقربوها وفي حدوده أن تضيعوها، واعلموا أنكم لا محالة ملاقوه في معادكم، فمجاز المحسن منكم بإحسانه والمسئ بإساءته.
القول في تأويل قوله تعالى: واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين.
وهذا تحذير من الله تعالى ذكره عباده أن يأتوا شيئا مما نهاهم عنه من معاصيه، وتخويف لهم عقابه عند لقائه، كما قد بينا قبل، وأمر لنبيه محمد (ص) أن يبشر من عباده بالفوز يوم القيامة، وبكرامة الآخرة، وبالخلود في الجنة من كان منهم محسنا مؤمنا بكتبه ورسله وبلقائه، مصدقا إيمانه قولا بعمله ما أمره به ربه، وافترض عليه من فرائضه فيما ألزمه من حقوقه، وبتجنبه ما أمره بتجنبه من معاصيه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم) * اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم فقال بعضهم: معناه: ولا تجعلوه علة لايمانكم، وذلك إذا سئل أحدكم الشئ من الخير والاصلاح بين الناس، قال: علي يمين بالله ألا أفعل ذلك، أو قد حلفت بالله أن لا أفعله.
فيعتل في تركه فعل الخير والاصلاح بين الناس بالحلف بالله. ذكر من قال ذلك:
3481 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه: ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم قال: هو الرجل يحلف على الامر الذي لا يصلح، ثم يعتل بيمينه يقول الله: أن تبروا وتتقوا هو خير له من أن يمضي على ما لا يصلح، وإن حلفت كفرت عن يمينك وفعلت الذي هو خير لك.
* - حدثنا المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن معمر