يعني بقوله جل ثناؤه: * (ولاتم نعمتي عليكم) *: ومن حيث خرجت من البلاد والأرض إلى أي بقعة شخصت فول وجهك شطر المسجد الحرام، وحيث كنت يا محمد والمؤمنون، فولوا وجوهكم في صلاتكم شطره، واتخذوه قبلة لكم، كيلا يكون لاحد من الناس سوى مشركي قريش حجة، ولاتم بذلك من هدايتي لكم إلى قبلة خليلي إبراهيم عليه السلام الذي جعلته إماما للناس نعمتي فأكمل لكم به فضلي عليكم، وأتمم به شرائع ملتكم الحنيفية المسلمة التي وصيت بها نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى وسائر الأنبياء غيرهم.
وذلك هو نعمته التي أخبر جل ثناءه انه متمها على رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به من أصحابه.
وقوله: * (ولعلكم تهتدون) * يعني: وكي ترشدوا للصواب من القبلة. * (ولعلكم) * عطف على قوله، * (ولاتم نعمتي عليكم) * * (ولاتم نعمتي عليكم) * عطف على قوله * (لئلا يكون) *. القول في تأويل قوله تعالى:
* (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) * يعني بقوله جل ثناؤه: كما أرسلنا فيكم رسولا ولاتم نعمتي عليكم ببيان شرائع ملتكم الحنيفية، وأهديكم لدين خليلي إبراهيم عليه السلام، وأجعل لكم دعوته التي دعاني بها ومسألته التي سألنيها فقال: ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم كما جعلت لكم دعوته التي دعاني بها ومسألته التي سألنيها، فقال: ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم فابتعثت منكم رسولي الذي سألني إبراهيم خليلي وابنه إسماعيل أن أبعثه من ذريتهما. ف كما إذ كان ذلك معنى الكلام صلة لقول الله عز وجل: ولاتم نعمتي عليكم ولا يكون قوله: كما أرسلنا فيكم رسولا منكم متعلقا بقوله: فاذكروني أذكركم.
وقد قال قوم: إن معنى ذلك: فاذكروني كما أرسلنا فيكم رسولا منكم أذكركم.
وزعموا أن ذلك من المقدم الذي معناه التأخير، فأغرقوا النزع، وبعدوا من الإصابة،