القول في تأويل قوله تعالى: ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب.
يعني بالنعم جل ثناؤه الاسلام وما فرض من شرائع دينه. ويعني بقوله: ومن يبدل نعمة الله ومن يغير ما عاهد الله في نعمته التي هي الاسلام من العمل والدخول فيه فيكفر به، فإنه معاقبه بما أوعد على الكفر به من العقوبة، والله شديد عقابه، أليم عذابه.
فتأويل الآية إذا يا أيها الذين آمنوا بالتوراة فصدقوا بها، ادخلوا في الاسلام جميعا، ودعوا الكفر، وما دعاكم إليه الشيطان من ضلالته، وقد جاءتكم البينات من عندي بمحمد، وما أظهرت على يديه لكم من الحجج والعبر، فلا تبدلوا عهدي إليكم فيه وفيما جاءكم به من عندي في كتابكم بأنه نبيي ورسولي، فإنه من يبدل ذلك منكم فيغيره فإني له معاقب بالأليم من العقوبة.
وبمثل الذي قلنا في قوله: ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
3114 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته قال: يكفر بها.
* - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
3215 حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: ومن يبدل نعمة الله قال: يقول: من يبدلها كفرا.
3216 - حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته يقول: ومن يكفر نعمته من بعد ما جاءته.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب) * يعني جل ثناؤه بذلك: زين للذين كفروا حب الحياة الدنيا العاجلة في الذنب، فهم يبتغون فيها المكاثرة والمفاخرة، ويطلبون فيها الرياسات والمباهاة ويستكبرون عن