وشدة وتعذر المطالب عليكم فتنقص لذلك أموالكم، وحروب تكون بينكم وبين أعدائكم من الكفار، فينقص لها عددكم، وموت ذراريكم وأولادكم، وجدوب تحدث، فتنقص لها ثماركم. كل ذلك امتحان مني لكم واختبار مني لكم، فيتبين صادقوكم في إيمانهم من كاذبيكم فيه، ويعرف أهل البصائر في دينهم منكم من أهل النفاق فيه والشك والارتياب.
كل ذلك خطاب منه لاتباع رسول الله (ص) وأصحابه. كما:
1930 - حدثني هارون بن إدريس الكوفي الأصم، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن عبد الملك عن عطاء في قوله: ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع قال: هم أصحاب محمد (ص).
وإنما قال تعالى ذكره: بشئ من الخوف ولم يقل بأشياء لاختلاف أنواع ما أعلم عباده أنه ممتحنهم به. فلما كان ذلك مختلفا وكانت من تدل على أن كل نوع منها مضمر (في) شئ وأن معنى ذلك: ولنبلونكم بشئ من الخوف وبشئ من الجوع وبشئ من نقص الأموال. اكتفى بدلالة ذكر الشئ في أوله من إعادته مع كل نوع منها.
ففعل تعالى ذكره كل ذلك بهم وامتحنهم بضروب المحن. كما:
1931 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات قال: قد كان ذلك، وسيكون ما هو أشد من ذلك. قال الله عند ذلك: وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون. ثم قال تعالى ذكره لنبيه (ص): يا محمد بشر الصابرين على امتحاني بما أمتحنهم به، والحافظين أنفسهم عن التقدم على نهيي عما أنهاهم عنه، والآخذين أنفسهم بأداء ما أكلفهم من فرائضي مع ابتلائي إياهم بما ابتليتهم به القائلين إذا أصابتهم مصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون. فأمره الله تعالى ذكره بأن يخص بالبشارة على ما يمتحنهم به من الشدائد أهل الصبر الذين وصف الله صفتهم. وأصل التبشير: إخبار الرجل الرجل الخبر يسره أو يسوءه لم يسبقه به إليه غيره. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) * يعني تعالى ذكره: وبشر يا محمد الصابرين، الذين يعلمون أن جميع ما بهم من نعمة