شكر لي زدته، ومن كفرني حرمته وسلبته ما أعطيته. والعرب تقول: نصحت لك وشكرت لك، ولا تكاد تقول نصحتك، وربما قالت شكرتك ونصحتك، من ذلك قول الشاعر:
هم جمعوا بؤسي ونعمي عليكم * فهلا شكرت القوم إن لم تقاتل وقال النابغة في نصحتك:
نصحت بني عوف فلم يتقبلوا * رسولي ولم تنجح لديهم وسائلي وقد دللنا على أن معنى الشكر: الثناء على الرجل بأفعاله المحمودة، وأن معنى الكفر تغطية الشئ، فيما مضى قبل فأغنى ذلك عن إعادته ههنا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) * وهذه الآية حض من الله تعالى ذكره على طاعته واحتمال مكروهها على الأبدان والأموال، فقال: يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة على القيام بطاعتي وأداء فرائضي في ناسخ أحكامي والانصراف عما أنسخه منها إلى الذي أحدثه لكم من فرائضي وأنقلكم إليه من أحكامي، والتسليم لأمري فيما آمركم به في حين إلزامكم حكمه، والتحول عنه بعد تحويلي إياكم عنه، وإن لحقكم في ذلك مكروه من مقالة أعدائكم من الكفار بقذفهم لكم الباطل، أو مشقة على أبدانكم في قيامكم به أو نقص في أموالكم، وعلى جهاد أعدائكم وحربهم في سبيلي، بالصبر منكم لي على مكروه ذلك ومشقته عليكم، واحتمال عنائه وثقله، ثم بالفزع منكم فيما ينوبكم من مفظعات الأمور إلى الصلاة لي، فإنكم بالصبر على المكاره تدركون مرضاتي، وبالصلاة لي تستنجحون طلباتكم قبلي وتدركون حاجاتكم عندي، فإني مع الصابرين على القيام بأداء فرائضي وترك معاصي، أنصرهم وأرعاهم وأكلؤهم حتى يظفروا بما طلبوا وأملوا قبلي وقد بينت معنى الصبر والصلاة فيما مضى قبل فكرهنا إعادته. كما: