الظالمين لا يجوز أن يقول فإن انتهوا، إلا وقد علم أنهم لا ينتهون إلا بعضهم، فكأنه قال: فإن انتهى بعضهم فلا عدوان إلا على الظالمين منهم، فأضمر كما قال: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي يريد فعليه ما استيسر من الهدي، وكما تقول:
إلى من تقصد أقصد، يعني إليه. وكان بعضهم ينكر الاضمار في ذلك ويتأوله، فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم لمن انتهى، ولا عدوان إلا على الظالمين الذين لا ينتهون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) * يعني بقوله جل ثناؤه: الشهر الحرام بالشهر الحرام ذا القعدة، وهو الشهر الذي كان رسول الله (ص) اعتمر فيه عمرة الحديبية، فصده مشركو أهل مكة عن البيت ودخول مكة، وكان ذلك سنة ست من هجرته، وصالح رسول الله (ص) المشركين في تلك السنة، على أن يعود من العام المقبل، فيدخل مكة ويقيم ثلاثا، فلما كان العام المقبل، وذلك سنة سبع من هجرته خرج معتمرا وأصحابه في ذي القعدة، وهو الشهر الذي كان المشركون صدوه عن البيت فيه في سنة ست، وأخلى له أهل مكة البلد، حتى دخلها رسول الله (ص)، فقضى حاجته منها، وأتم عمرته، وأقام بها ثلاثا، ثم خرج منها منصرفا إلى المدينة، فقال الله جل ثناؤه لنبيه (ص) وللمسلمين معه: الشهر الحرام يعني ذا القعدة الذي أوصلكم الله فيه إلى حرمه وبيته على كراهة مشركي قريش ذلك حتى قضيتم منه وطركم بالشهر الحرام الذي صدكم مشركو قريش العام الماضي قبله فيه، حتى انصرفتم عن كره منكم عن الحرم، فلم تدخلوه ولم تصلوا إلى بيت الله، فأقصكم الله أيها المؤمنون من المشركين بإدخالكم الحرم في الشهر الحرام على كره منهم لذلك، بما كان منهم إليكم في الشهر الحرام من الصد والمنع من الوصول إلى البيت. كما:
2563 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: ثنا يوسف، يعني ابن خالد السهمي، قال: ثنا نافع بن مالك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: والحرمات قصاص قال: هم المشركون حبسوا محمدا (ص) في ذي القعدة، فرجعه الله في ذي القعدة، فأدخله البيت الحرام، فاقتص له منهم.