القول في تأويل قوله تعالى: ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
يعني بقوله جل ثناؤه: ومن يرتدد منكم عن دينه من يرجع منكم عن دينه، كما قال جل ثناؤه: فارتدا على آثارهما قصصا يعني بقوله: فارتدا: رجعا. ومن ذلك قيل: استرد فلان حقه من فلان، إذا استرجعه منه. وإنما أظهر التضعيف في قوله:
يرتدد لان لام الفعل ساكنة بالجزم، وإذا سكنت فالقياس ترك التضعيف، وقد تضعف وتدغم وهي ساكنة بناء على التثنية والجمع.
وقوله: فيمت وهو كافر يقول: من يرجع عن دينه، دين الاسلام، فيمت وهو كافر، فيمت قبل أن يتوب من كفره، فهم الذين حبطت أعمالهم يعني بقوله: حبطت أعمالهم بطلت وذهبت، وبطولها: ذهاب ثوابها، وبطول الاجر عليها والجزاء في دار الدنيا والآخرة.
وقوله: وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني الذين ارتدوا عن دينهم فماتوا على كفرهم، هم أهل النار المخلدون فيها. وإنما جعلهم أهلها لأنهم لا يخرجون منها، فهم سكانها المقيمون فيها، كما يقال: هؤلاء أهل محلة كذا، يعني سكانها المقيمون فيها. ويعني بقوله: هم فيها خالدون هم فيها لابثون لبثا من غير أمد ولا نهاية. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم) * يعني بذلك جل ذكره: إن الذين صدقوا بالله وبرسوله، وبما جاء به. وبقوله:
والذين هاجروا: الذين هجروا مساكنة المشركين في أمصارهم، ومجاورتهم في ديارهم، فتحولوا عنهم، وعن جوارهم وبلادهم إلى غيرها، هجرة... لما انتقل عنه