والعمد، والغموس، والرجل يحلف على اليمين وهو يريد أن يفعل ثم يرى خيرا من ذلك، فهذه اليمين التي قال الله تعالى ذكره: ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فهذه لها كفارة.
وكأن قائل هذه المقالة وجه تأويل قوله: ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم إلى غير ما وجه إليه تأويل قوله: ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان وجعل قوله: بما كسبت قلوبكم الغموس من الايمان التي يحلف بها الحالف على علم منه بأنه في حلفه بها مبطل، وقوله: بما عقدتم الايمان اليمين التي يستأنف فيها الحنث أو البر، وهو في حال حلفه بها عازم على أن يبر فيها.
وقال آخرون: بل ذلك هو اعتقاد الشرك بالله والكفر. ذكر من قال ذلك:
3557 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا إسماعيل بن مرزوق، قال: ثني يحيى بن أيوب، عن محمد، يعني ابن عجلان، أن يزيد بن أسلم كان يقول في قول الله تعالى ذكره: ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم مثل قول الرجل: هو كافر، هو مشرك، قال: لا يؤاخذه الله حتى يكون ذلك من قلبه.
3558 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قال: اللغو في هذا: الحلف بالله ما كان بالألسن فجعله لغوا، وهو أن يقول: هو كافر بالله، وهو إذا يشرك بالله، وهو يدعو مع الله إلها، فهذا اللغو الذي قال الله تعالى في سورة البقرة: ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم قال: بما كان في قلوبكم صدقا وآخذك به، فإن لم يكن في قلبك صدقا لم يؤاخذك به، وإن أثمت.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أوعد عباده أن يؤاخذهم بما كسبت قلوبهم من الايمان، فالذي تكسبه قلوبهم من الايمان، هو ما قصدته، وعزمت عليه على علم ومعرفة منها بما تقصده وتريده، وذلك يكون منها على وجهين:
أحدهما على وجه العزم على ما يكون به العازم عليه في حال عزمه بالعزم عليه آثما وبفعله مستحقا المؤاخذة من الله عليها، وذلك كالحالف على الشئ الذي لم يفعله أنه قد فعله، وعلى الشئ الذي قد فعله أنه لم يفعله، قاصدا القيل الكذب، وذاكرا أنه قد فعل ما حلف عليه أنه لم يفعله، أو أنه لم يفعل ما حلف عليه أنه قد فعل، فيكون الحالف بذلك إن