قال أبو جعفر: واللغو من الكلام في كلام العرب كل كلام كان مذموما وفعلا لا معنى له مهجورا، يقال منه: لغا فلان في كلامه يلغو لغوا: إذا قال قبيحا من الكلام، ومنه قول الله تعالى ذكره: وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقوله: وإذا مروا باللغو مروا كراما ومسموع من العرب لغيت باسم فلان، بمعنى أولعت بذكره بالقبيح. فمن قال لغيت، قال ألغى لغا، وهي لغة لبعض العرب، ومنه قول الراجز:
ورب أسراب حجيج كظم * عن اللغا ورفث التكلم فإذا كان اللغو ما وصفت، وكان الحالف بالله ما فعلت كذا وقد فعل ولقد فعلت كذا وما فعل، واصلا بذلك كلامه على سبيل سبوق لسانه من غير تعمد إثم في يمينه، ولكن لعادة قد جرت له عند عجلة الكلام، والقائل: والله إن هذا لفلان وهو يراه كما قال، أو والله ما هذا فلان وهو يراه ليس به، والقائل: ليفعلن كذا والله، أو لا يفعل كذا والله، على سبيل ما وصفنا من عجلة الكلام، وسبوق اللسان للعادة، على غير تعمد حلف على باطل، والقائل هو مشرك أو هو يهودي أو نصراني إن لم يفعل كذا، أو إن فعل كذا من غير عزم على كفر، أو يهودية أو نصرانية جميعهم قائلون هجرا من القول، وذميما من المنطق، وحالفون من الايمان بألسنتهم ما لم تتعمد فيه الاثم قلوبهم. كان معلوما أنهم لغاة في أيمانهم لا تلزمهم كفارة في العاجل، ولا عقوبة في الآجل لاخبار الله تعالى ذكره أنه غير مؤاخذ عباده بما لغوا من أيمانهم، وأن الذي هو مؤاخذهم به ما تعمدت فيه الاثم قلوبهم.
وإذ كان ذلك كذلك، وكان صحيحا عن رسول الله (ص) أنه قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه فأوجب الكفارة بإتيان الحالف ما حلف أن لا يأتيه مع وجوب إتيان الذي هو خير من الذي حلف عليه أن لا يأتيه، وكانت الغرامة في المال أو إلزام الجزاء من المجزي أبدان الجازين، لا شك عقوبة كبعض العقوبات التي جعلها الله تعالى ذكره نكالا لخلقه فيما تعدوا من حدوده، وإن كان يجمع