واتقوا الله الذي تساءلون (1) به والأرحام.
إن أهمية التقوى، ودورها في بناء قاعدة المجتمع الصالح سببت في أن تذكر مجددا في نهاية الآية الحاضرة، وأن يدعو سبحانه الناس إلى التزام التقوى، غاية الأمر أنه تعالى أضاف إليها جملة أخرى إذ قال: اتقوا الله الذي تساءلون به أي اتقوا الله الذي هو عندكم عظيم، وتذكرون اسمه عندما تطلبون حقوقكم وحوائجكم فيما بينكم.
ثم أنه يقول: " والأرحام " وهو عطف على " الله "، ولهذا كانت القراءة المعروفة هي نصب " والأرحام " فيكون معناها: واتقوا الأرحام، ولا تقطعوا صلاتكم بهم.
إن ذكر هذا الموضوع هنا يدل أولا على الأهمية الفائقة التي يعطيها القرآن الكريم لمسألة الرحم ووشيجة القربى إلى درجة أنه يذكر اسم الأرحام بعد ذكر اسم الله سبحانه، وهو إشارة - ثانيا - إلى الأمر الذي ذكر في مطلع الآية، وهو أنكم جميعا من أب واحد وأم واحدة، وهذا يعني - في الحقيقة - أن جميع أبناء آدم أقرباء وأرحام، وهذا الارتباط والترابط يستوجب أن يتحاب الجميع ويتوادوا دون تفريق أو تمييز بين عنصر وآخر، وقبيلة وأخرى، تماما كما يتحاب أفراد القبيلة الواحدة.
ثم يختم الآية بقوله: إن الله كان عليكم رقيبا.
والرقيب أصله من الترقب، وهو الانتظار من مكان مرتفع، ثم استعمل بمعنى الحافظ والحارس، لأن الحراسة من لوازم الترقب والنظارة.
وارتفاع مكان الرقيب قد يكون من الناحية الظاهرية بكون الرقيب يرقب على مكان مرتفع، ويمارس النظارة من ذلك الموقع، وقد يكون من الناحية