وواضح أن وصف العذاب بواحد من الصفات يتناسب مع نوع الذنب، ولذلك فقد ورد في كثير من الآيات القرآنية أن عقاب الظالمين هو العذاب الأليم، لأنه يتناسب وألم الظلم الذي يمارسه الظالم على المظلوم، وهكذا بالنسبة للأنواع الأخرى من العذاب، وقد قصدنا بهذا الشرح تقريب مسألة العذاب إلى الأذهان، علما بأن العذاب الأخروي شئ لا يمكن مقارنته بما هو موجود من عذاب في حياتنا الدنيوية هذه.
وقد تطرقت الآية الأخيرة إلى موقف المؤمنين الذين آمنوا بالله وبجميع أنبيائه ورسله ولم يفرقوا بين أي من الأنبياء والرسل واخلصوا للحق، وكافحوا كل أنواع العصبيات الباطلة، وبينت أن الله سيوفي هؤلاء المؤمنين أجرهم وثوابهم في القريب العاجل، فتقول الآية: والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم....
وبديهي أن الإيمان بجميع الأنبياء والرسل لا يتنافى ومسألة تفضيل بعضهم على البعض الآخر، لأن مسألة التفاضل هذه ترتبط ارتباطا وثيقا بأهمية وعظم المسؤولية التي تحملها كل منهم، وطبيعي أن المسؤوليات المناطة بالأنبياء (عليهم السلام) تتفاوت من حيث الأهمية والخطورة بالنسبة لكل منهم، وقد ثبت هذا الأمر بالدليل القطعي والمهم هنا أن لا يحصل تمايز أو تفريق في الإيمان بالأنبياء والإقرار بنبوتهم.
وقد أكدت الآية في الختام أن الله سيغفر للمؤمنين الذين ارتكبوا أخطاء بالانجرار وراء العصبيات وممارسة التفرقة بين الأنبياء إن أخلص هؤلاء المؤمنون في إيمانهم وعادوا إلى الله، أي تابوا إليه من أخطائهم السابقة، حيث تقول الآية: وكان الله غفورا رحيما.
ويجب الانتباه هنا إلى أن الآيات الأخيرة ذكرت الذين يعمدون إلى التفرقة بين الأنبياء بأنهم كفار حقيقيون، بينما لم تذكر الذين يؤمنون بجميع الأنبياء بأنهم