وفي الآية الثانية من الآيات الأخيرة بيان لأحوال المنافقين، الذين اتخذهم بعض الغافلين من المؤمنين أصدقاء لأنفسهم، حيث توضح الآية أن المنافقين يستقرون في القيامة في أحط وأسفل دركة من دركات جهنم، ولن يستطيع أحد أن ينصرهم أو ينقذهم من هذا المصير أبدا، تقول الآية: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا. (1) ويتبين من هذه الآية أن النفاق في نظر الإسلام أشد أنواع الكفر، وإن المنافقين أبعد الخلق من الله، ولهذا السبب فإن مستقرهم ومكانهم النهائي في أحط نقطة من نقاط جهنم، وهم يستحقون هذا العقاب، لأن ما يلحق البشرية من ويلات من جانب هؤلاء هو أشد خطرا من كل الأخطار، فإن هؤلاء بسبب احتمائهم بظاهر الإيمان يحملون بصورة غادرة وبمطلق الحرية على المؤمنين العزل ويطعنونهم من الخلف بخناجرهم المسمومة، وبديهي أن يكون حال أعداء - كهؤلاء - يظهرون بلباس الأصدقاء، أشد خطرا من الأعداء المعروفين الذين يعلنون عداوتهم صراحة، وفي الواقع فإن النفاق هو أسلوب وسلوك كل فرد أبتر ومنحط ومشبوه وجبان وملوث بكل الخبائث ومن لا شخصية له.
وقد أوضحت الآية الثالثة من الآيات الأخيرة، أن المجال مفتوح حتى لأكثر الناس تلوثا للتوبة من أعمالهم وإصلاح شأنهم، والسعي للتعويض بالخير عن ماضيهم المشين، والعودة إلى رحمة الله والتمسك بحبله والإخلاص لله بالإيمان به تقول الآية: إلا الذين تابوا واصلحوا واعتصموا بالله واخلصوا دينهم