غسل الذنوب عن الإنسان.
والطريق الثاني: هو أن يسلك الإنسان سبيل العناد، وقد أشارت الآية الأخيرة إلى الآثار والعواقب السيئة لهذا الطريق، حيث أعلنت أن من يواجه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالعناد والمخالفة بعد وضوح الحق له، ويسير في طريق غير طريق المؤمنين فإن الله سوف لن يهديه إلى غير هذا الطريق، وسيرسله الله في يوم القيامة إلى جهنم، وما أسوأ هذا المكان الذي ينتظره! فتقول الآية: ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا.
ويجب الانتباه إلى أن عبارة يشاقق مأخوذة من مادة " شقاق " بمعنى المخالفة الصريحة المقرونة بالحقد والضغينة وتؤكد جملة من بعدما تبين له الهدى هذا المعنى أيضا، وفي الحقيقة فإن من يكون هذا شأنه فلن يلقى مصيرا خيرا مما ذكرته الآية له، مصير ينطوي على نهاية مشؤومة له في هذه الدنيا وعاقبة سيئة أليمة في الدار الآخرة، فهو في الدنيا - كما تقول الآية - يستمر منجرفا في الطريق الأعوج الذي اختاره، فتتوسع بذلك زاوية انحرافه عن جادة الحق والصواب، وهذا الطريق هو الذي اختاره لنفسه والبناء الذي وضع أساسه بيده، ولهذا لم يكن قد وقع عليهم أي ظلم من الخارج.
وأما بالنسبة لقول الآية: نوله ما تولى فهو إشارة إلى حرمان هؤلاء من التوفيق المعنوي، لتمييز الحق، ومواصلتهم السير في طريق الضلالة، وقد بينا تفاصيل هذا الموضوع لدى الحديث عن تفسير الهداية والضلالة في الجزء الأول من تفسيرنا هذا.
وحين تقول الآية: نصله جهنم فهي تشير إلى مصير هؤلاء يوم القيامة.
وهناك تفسير آخر حول جملة نوله ما تولى وهو أن هؤلاء وأمثالهم، يوكل أمرهم إلى الآلهة المصطنعة التي انتخبوها لأنفسهم.