الذين يستنبطونه منهم....
" يستنبطونه " من مادة " نبط " التي تعني أول ما يستخرج من ماء البئر أو الينبوع، والاستنباط استخراج الحقيقة من الأدلة والشواهد والوثائق، سواء كانت العملية في الفقه أو الفلسفة أو السياسة أو سائر العلوم.
أولي الأمر في الآية هم المحيطون بالأمور القادرون على أن يوضحوا للناس ما كان حقيقيا منها وما كان إشاعة فارغة. وهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفاؤه من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بالدرجة الأولى.
ويأتي من بعدهم العلماء المتخصصون في هذه المسائل.
روي عن الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) في تفسير أولي الأمر في هذه الآية قال: " هم الأئمة " كما في تفسير نور الثقلين، وهناك روايات أخرى أيضا في هذا المجال بنفس المضمون.
ولعل هناك من يعترض على هذه الروايات قائلا: إن الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) لم يكونوا موجودين في زمن نزول هذه الآية، ولم يتعين أحد منهم في ذلك الوقت بمنصب الإمامة أو الولاية، فكيف يمكن القول بأنهم هم المعنيون بهذه الآية؟
والجواب على هذا الاعتراض: هو أن هذه الآية مثل سائر الآيات القرآنية الأخرى لا تقتصر على زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقط، بل تحمل حكما عاما يشمل كل الأزمنة والقرون التالية لمواجهة الإشاعات التي يبثها الأعداء أو البسطاء من المسلمين بين الأمة.
3 أضرار اختلاق الإشاعة ونشرها:
لقد ابتليت المجتمعات البشرية وعانت الكثير من المصائب والنكبات الرهيبة، بسبب بروز ظاهرة اختلاق الإشاعة ونشرها بين الأفراد حيث كانت تؤثر تأثيرا سلبيا كبيرا على معنويات أفراد المجتمع، وتضعف فيهم الروح الاجتماعية وروح التفاهم والتعاون بين أبناء المجتمع الواحد.