2 التفسير لقد أوجب التفاوت في سهم الرجال والنساء من الإرث - كما قرأت في سبب النزول - تساؤلا لدى البعض، ويبدو أنهم لم يلتفتوا إلى أن هذا التفاوت إنما هو لأجل أن النفقة بكاملها على الرجل، وليس على النساء شئ من نفقات العائلة، بل نفقة المرأة هي الأخرى مفروضة على الرجل، ولهذا يكون ما تصيبه المرأة ضعف ما يصيبه الرجل من الثروة، ولهذا قال الله تعالى في هذه الآية: ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، لأن لكل نوع من أنواع هذا التفضيل والتفاوت أسرار خفية عنكم غير ظاهرة لكم، سواء كان التفاوت من جهة الخلقة والجنسية وبقية الصفات الجسمية والروحية التي تشكل أساس النظام الاجتماعي فيكم، أو التفاوت من الناحية الحقوقية بسبب اختلاف الموقع والمكانة كالتفاوت في سهم الإرث، إن جميع أنواع هذا التفاوت قائم على أساس العدل والقانون الإلهي الحكيم، ولو كانت مصلحتكم في غير ذلك لسنه وبينه لكم.
وعلى هذا فإن تمنى تغيير هذا الوضع نوع من المخالفة للمشيئة الربانية التي هي عين الحق والعدالة.
على أنه يجب أن لا نتصور خطأ أن الآية الحاضرة تشير إلى التفاوت المصطنع الذي برز نتيجة الاستعمار والاستغلال الطبقي، بل تشير إلى الفروق الطبيعية الواقعية، لأن الفروق المصطنعة لا هي من المشيئة الإلهية في شئ، ولا أن تمني تغييرها مرفوض وغير صحيح، بل هي فروق ظالمة وغير منطقية يجب السعي في رفعها وإزالتها وتفنيدها، فللمثال: لا يمكن للنساء أن يتمنين أن يكن رجالا، كما لا يمكن للرجال أن يتمنوا أن يكونوا نساء، لأن وجود هذين الجنسين أمر ضروري للنظام الاجتماعي الإنساني، ولكن هذا التفاوت الجنسي يجب أن لا يتخذ ذريعة، لأن يسحق أحد الجنسين حقوق الجنس الآخر، ومن هنا فإن الذين اتخذوا هذه الآية ذريعة لإثبات التمييز الاجتماعي الظالم أو