وعظمه من لبن امرأة معينة تجعله بمثابة ابنها الحقيقي، فالمرأة التي ترضع طفلا مقدارا معينا من اللبن ينشأ وينبت معه ومنه للطفل لحم وعظم، فإن هذا النوع من الرضاع يجعل الطفل شبيها بأبنائها وأولادها لصيرورته جزء من بدنها كما هم جزء من بدنها، فإذا هم جميعا (أي الأخوة الرضاعيون والأخوة النسبيون كأنهم اخوة بالنسب.
ثم إن الله سبحانه يشير - في المرحلة الأخيرة - إلى الطائفة الثالثة من النسوة اللاتي يحرم الزواج بهن ويذكرهن ضمن عدة عناوين:
1 - وأمهات نسائكم يعني أن المرأة بمجرد أن تتزوج برجل ويجري عقد النكاح بينهما تحرم أمها وأم أمها وإن علون على ذلك الرجل.
2 - وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن يعني أن مجرد العقد على امرأة لا يوجب حرمة نكاح بناتها من زوج آخر على زوجها الثاني، بل يشترط أن يدخل بها أيضا مضافا على العقد عليها.
إن وجود هذا القيد في هذا المورد دخلتم بهن يؤيد كون حكم أم الزوجة الذي مر في الجملة السابقة وأمهات نسائكم غير مشروط بهذا الشرط، وبعبارة أخرى إن هذا القيد هنا يؤيد ويؤكد إطلاق الحكم هناك، فتكون النتيجة أن بمجرد العقد على امرأة تحرم أم تلك المرأة على الرجل وإن لم يدخل بتلك المرأة، لخلو ذلك الحكم من القيد المشروط هنا في مورد الربيبة.
ثم أن قيد في حجوركم وإن كان ظاهره يفهم منه أن بنت الزوجة من زوج آخر إذا لم ترب في حجر الزوج الثاني لا تحرم عليه، ولكن هذا القيد بدلالة الروايات، وقطعية هذا الحكم - ليس قيدا احترازيا - بل هو في الحقيقة إشارة إلى نكتة التحريم - لأن أمثال هذه الفتيات اللاتي تقدم أمهاتها على زواج آخر، هن في الأغلب في سنين متدنية من العمر، ولذلك غالبا ما يتلقين نشأتهن وتربيتهن في حجر الزوج الجديد مثل بناته، فالآية تقول إن بنات نسائكم من غيركم