إلا أن هذا النوع من الزواج إذا لم يسبب أية مشكلة لدى الأقرباء البعيدين (كما هو الغالب) فإنه لا شك يسبب مضاعفات خطيرة لدى الأقرباء القريبين الذين تشتد عندهم ظاهرة وحدة الدم وتشابهه.
هذا مضافا إلى ضعف الرغبة الجنسية والتجاذب الجنسي لدى المحارم عادة، لأن المحارم - في الأغلب - يكبرون معا، ويشبون معا، ولهذا لا ينطوي الزواج فيما بينهم على عنصر المفاجأة وصفة العلاقة الجديدة، لأنهم تعودوا على التعامل فيما بينهم، فلا يكون أحدهم جديدا على الآخر، بل العلاقة لديهم علاقة عادية ورتيبة، ولا يمكن أن يكون بعض الموارد النادرة مقياسا لانتزاع القوانين الكلية العامة أو سببا لنقض مضاداتها، ونحن نعلم أن التجاذب الجنسي شرط أساسي لدوام العلاقة الزوجية واستمرار الرابطة العائلية، ولهذا إذا تم التزواج بين المحارم فإن الرابطة الزوجية الناشئة من هذا الزواج ستكون رابطة ضعيفة مهزوزة وقصيرة العمر.
وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة يشير الله سبحانه في هذه الآية إلى المحارم الرضاعية والقرآن وإن اقتصر في هذا المقام على الإشارة إلى طائفتين من المحارم الرضاعية، وهي الأم الرضاعية والأخت الرضاعية فقط، إلا أن المحارم الرضاعية - كما يستفاد من روايات عديدة - لا تنحصر في من ذكر في هذه الآية، بل تحرم بالرضاعة كل من يحرمن من النساء بسبب " النسب " كما يصرح بذلك الحديث المشهور المروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " (1).
على أن بيان مقدار الرضاع الموجب للحرمة والشروط والكيفية المعتبرة فيه، وغير ذلك من التفاصيل والخصوصيات متروك للكتب الفقهية.
وفلسفة حرمة الزواج بالمحارم الرضاعية هي، أن نشوء ونبات لحم المرتضع