ترابا، عن مجاهد * (أإنا لمبعوثون خلقا جديدا) * والمعنى: قال المنكرون للبعث:
إنا إذا متنا، وانتثرت لحومنا، وصرنا عظاما وترابا، أنبعث بعد ذلك خلقا جديدا، أي: متجددا، وهو إنكار في صورة الاستفهام * (قل) * يا محمد لهم * (كونوا حجارة أو حديدا) * أي: اجهدوا في أن لا تعادوا، وكونوا إن استطعتم حجارة في القوة، أو حديدا في الشدة.
* (أو خلقا مما يكبر في صدوركم) * أي: خلقا هو أعظم من ذلك عندكم وأصعب، فإنكم لا تفوتون الله تعالى، وسيحييكم بعد الموت، وينشركم. إلا أن الكلام خرج مخرج الأمر، لأنه أبلغ في الإلزام. وقيل يعني بقوله: ما يكبر في صدوركم الموت، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، أي: لو كنتم الموت، لأماتكم الله تعالى، وليس شئ أكبر في صدور بني آدم من الموت. وقيل: يعني به السماوات، والأرض، والجبال، عن مجاهد. * (فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة) * معناه: فإنك إذا قلت لهم ذلك، سيقولون لك: من يحيينا بعد الموت؟ قل يا محمد: يحييكم من خلقكم أول مرة، فإن من قدر على ابتداء الشئ، كان على إعادته أقدر، ما لم تبطل قدرته، ولم يتغير. فإن ابتداء الشئ أصعب من إعادته. وإنما قال ذلك لهم، لأنهم كانوا يقرون بالنشأة الأولى.
* (فسينغضون إليك رؤوسهم) * أي: فسيحركون إليك رؤوسهم، تحريك المستهزئ المستخف المستبطئ، لما تنذرهم به. * (ويقولون متى هو) * أي: متى يكون البعث * (قل عسى أن يكون قريبا) * لأن ما هو آت قريب. ومن كلام الحسن:
كأنك بالدنيا لم تكن، وكأنك بالآخرة لم تزل * (يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده) * معناه: عسى أن يكون بعثكم قريبا أيها المشركون، يوم يدعوكم من قبوركم إلى الموقف على ألسنة الملائكة، وذلك عند النفخة الثانية، فيقولون: أيتها العظام النخرة، والجلود البالية! عودي كما كنت. فتستجيبون مضطرين بحمده أي:
حامدين لله على نعمه، وأنتم موحدون. وهذا كما يقول القائل جاء فلان بغضبه أي:
جاء غضبان. وقيل: معنى تستجيبون بحمده: إنكم تستجيبون معترفين بأن الحمد لله على نعمه، لا تنكرونه، لأن المعارف هناك ضرورية. قال سعيد بن جبير: يخرجون من قبورهم، يقولون: سبحانك وبحمدك، ولا ينفعهم في ذلك اليوم، لأنهم حمدوا حين لا ينفعهم الحمد * (وتظنون إن لبثتم إلا قليلا) * أي: وتظنون أنكم لم تلبثوا في