النزول: قيل: نزل قوله: * (وإذا قرأت القرآن) * الآية، في قوم كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالليل إذا تلا القرآن، وصلى عند الكعبة. وكانوا يرمونه بالحجارة، ويمنعونه عن دعاء الناس إلى الدين، فحال الله سبحانه بينه وبينهم، حتى لا يؤذوه، عن الزجاج، والجبائي.
المعنى: لما تقدم قوله: * (ولقد صرفنا في هذا القرآن) * بين سبحانه حالهم عند قراءة القرآن، فقال: * (وإذ قرأت القرآن) * يا محمد * (جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة) * وهم المشركون * (حجابا مستورا) * قال الكلبي: وهم أبو سفيان، والنضر بن الحرث، وأبو جهل، وأم جميل امرأة أبي لهب، حجب الله رسوله عن أبصارهم عند قراءة القرآن، وكانوا يأتونه ويمرون به، ولا يرونه. وقيل أراد حجابا ساترا، عن الأخفش. والفاعل قد يكون في لفظ المفعول يقال: مشؤوم وميمون، إنما هو شائم ويا من.
وقيل: هو على بناء النسب، لا على أن المفعول بمعنى الفاعل، والفاعل بمعنى المفعول. والمعنى، حجابا ذا ستر، وهذا هو الصحيح، وقيل: حجابا مستورا عن الأعين، لا يبصر، إنما هو من قدرة الله تعالى، حجب نبيه بحجاب لا يرونه، ولا يراه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: إن المعنى في الآية (جعلنا بينك وبينهم حجابا) بمعنى باعدنا بينك وبينهم في القرآن، فهو لك وللمؤمنين معك، شفاء وهدى، وهو للمشركين في آذانهم، وقر وعليهم عمى، فهذا هو الحجاب، عن أبي مسلم. وهذا بعيد والأول أوجه لأنه الحقيقة * (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا) * مر تفسيره في سورة الأنعام * (وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده) * معناه: وإذا ذكرت الله بالتوحيد، وأبطلت الشرك * (ولوا على أدبارهم نفورا) * أي:
أعرضوا عنك مدبرين نافرين، والمعني بذلك كفار قريش. وقيل: هم الشياطين، عن ابن عباس. وقيل: معناه إذا سمعوا بسم الله الرحمن الرحيم، ولوا. وقيل: إذا سمعوا قول لا إله إلا الله * (نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك) * معناه:
ليس يخفى علينا حال هؤلاء المشركين، وغرضهم في الاستماع إليك، وقد علمنا سبب استماعهم، وهذا كما يقال فعلت ذلك بحرمتك. * (وإذ هم نجوى) * أي:
متناجون. وقيل: هم ذوو نجوى، والمعنى: إنا نعلمهم في حال ما يصغون إلى سماع قراءتك، وفي حال ما يقومون من عندك، ويتناجون فيما بينهم، فيقول