بعضهم: هو ساحر وبعضهم: هو كاهن، وبعضهم: هو شاعر.
وقيل: يعني به أبا جهل، وزمعة بن الأسود، وعمرو بن هشام، وخويطب بن عبد العزى، اجتمعوا وتشاوروا في أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال أبو جهل: هو مجنون، وقال زمعة: هو شاعر، وقال خويطب: هو كاهن. ثم أتوا الوليد بن المغيرة، وعرضوا ذلك عليه. فقال: هو ساحر * (إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) * قيل. فيه وجوه أحدها أنهم يقولون ما يتبعون إلا رجلا قد سحر، فاختلط عليه أمره، وإنما يقولون ذلك للتنفير عنه. وثانيها: إن المراد بالمسحور المخدوع المعلل، كما في قول امرئ القيس:
أرانا موضعين لحتم غيب، ونسحر في الطعام، وفي الشراب (1) وقول أمية بن أبي الصلت:
فإن تسألينا: فيم نحن؟ فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر (2) وثالثها: إن المعنى إن تتبعون إلا رجلا ذا سحر أي: رئة خلقه الله بشرا مثلكم، ورابعها: إن المسحور بمعنى الساحر، كما قيل في قوله * (حجابا مستورا) * أي: ساترا وقد زيف هذا الوجه. والوجوه الثلاثة أوضح، وعلى هذا فمعنى الآية البيان عما توجبه حال المعادي للدين، الناصب للحق اليقين، وإن قلبه كأنه في كنان عن تفهمه، وكأن في أذنيه وقرا عن استماعه، فهو مول نافر عنه، يناجي في حال الانحراف عنه، جهالا أمثاله، قد بعدوا بالحجة حتى نسبوا صاحبها إلى أنه مسحور، لما لم يكن لهم إلى مقاومة ما أتى به سبيل، ولا على كسره بالمعارضة دليل. ثم قال سبحانه على وجه التعجيب: * (انظر) * يا محمد * (كيف ضربوا لك الأمثال) * أي:
شبهوا لك الأشياء، فقالوا مجنون، وساحر، وشاعر * (فضلوا) * بهذا القول عن الحق * (فلا يستطيعون سبيلا) * أي: لا يجدون حيلة، ولا طريقا، إلى بيان تكذيبك إلا البهت الصريح. وقيل: لا يجدون سبيلا أي: لا يجدون حيلة وطريقا إلى صد الناس عنك، وإلى اثبات ما ادعوا عليك، وقيل: ضلوا عن الطريق المستقيم، وهو الدين والإسلام فلا يجدون إليه طريقا بعد ما ضلوا عنه.