وبينهم، خاذلين لكم جزاء على كفركم وعتوكم، وهو مثل قوله * (أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا) * عن الحسن.
وقيل معناه أمرنا قوما مؤمنين بقتالكم وجهادكم، لأن ظاهر قوله تعالى: * (عبادا لنا) *، وقوله: * (بعثنا) *، يقتضي ذلك، عن الجبائي. وقيل: يجوز أن يكونوا مؤمنين، أمرهم الله بجهاد هؤلاء. ويجوز أن يكونوا كافرين، فتألفهم نبي من الأنبياء لحرب هؤلاء، وسلطهم على نظرائهم من الكفار والفساق، عن أبي مسلم.
* (فجاسوا خلال الديار) * أي: فطافوا وسط الديار يترددون وينظرون، هل بقي منهم أحد لم يقتلوه، عن الزجاج. * (وكان وعدا مفعولا) * أي موعودا كائنا لا خلف فيه * (ثم رددنا لكم الكرة عليهم) * أي: رددنا لكم يا بني إسرائيل الدولة، و أظهرناكم عليهم، وعاد ملككم على ما كان عليه * (وأمددناكم بأموال وبنين) * أي:
وأكثرنا لكم أموالكم وأولادكم، ورددنا لكم العدة والقوة * (وجعلناكم أكثر نفيرا) * أي: أكثر عددا وأنصارا من أعدائكم * (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) * معناه: إن أحسنتم في أقوالكم وأفعالكم، فنفع إحسانكم عائد عليكم، وثوابه واصل إليكم، تنصرون على أعدائكم في الدنيا، وتثابون في العقبى.
* (وإن أسأتم فلها) * معناه: وإن أسأتم فقد أسأتم إلى أنفسكم أيضا، لأن مضرة الإساءة عائدة إليها، وإنما قال * (فلها) * على وجه التقابل، لأنه في مقابلة قوله * (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) * كما يقال أحسن إلى نفسه، ليقابل أساء إلى نفسه، ولأن معنى قولك أنت منتهى الإساءة، وأنت المختص بالإساءة، متقارب. فلذلك وضع اللام موضع إلى. وقيل: إن قوله * (فلها) * بمعنى فعليها، كقوله تعالى: * (لهم اللعنة) * أي: عليهم اللعنة. وقيل: معناه فلها الجزاء والعقاب، وإذا أمكن حمل الكلام على الظاهر، فالأولى أن لا يعدل عنه. وهذا الخطاب لبني إسرائيل، ليكون الكلام جاريا على النسق والنظام.
ويجوز أن يكون خطابا لأمة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، فيكون اعتراضا بين القصة، كما يفعل الخطيب والواعظ، يحكي شيئا ثم يعظ، ثم يعود إلى الحكاية. فكأنه لما بين أن بني إسرائيل لما علوا وبغوا في الأرض، سلط عليهم قوما، ثم لما تابوا قبل توبتهم، وأظفرهم على عدوهم، خاطب أمتنا بأن من أحسن عاد نفع إحسانه إليه،